كانت الإمبراطورية الرومانية (Roman Empire) من أقوى الحضارات التي حكمت معظم أجزاء أوروبا لما يقرب 1000 عام، مما ساهم في نشر الثقافة الرومانية في جميع أرجائها، وما زالت آثارها ملموسة في العالم الغربي إلى الآن، خاصة في مجالات العمارة والفنون والأدب واللغة، وكانت مدينة روما (Rome) عاصمةً للحضارة الرومانية، وتقول الأسطورة أنها تأسست على يد الأخوين رومولوس ورموس أبناء مارس إله الحرب، ولكن رومولوس قتل شقيقهُ رموس لاحقًا، وأصبح بذلك أول ملكٍ لروما.[١][٢]


تاريخ ظهور الحضارة الرومانية

عن تفاصيل تأسيس الحضارة الرومانية:


تاريخ نشأة الحضارة الرومانية

  • تزامن بدء الإمبراطورية الرومانية مع سقوط الجمهورية الرومانية (Roman Republic) في العام 27 ق.م، عندما أصبح أغسطس قيصر (Caesar Augustus) أول إمبراطور روماني، وانتهت الإمبراطورية في العام 476 م عندما أُطيح برومولوس أوغستولوس (Romulus Augustulus) آخر إمبراطور روماني.[٣][٤]
  • كانت الإمبراطورية الرومانية مقسمةً إلى جزءٍ شرقي وجزءٍ غربي في القرن الرابع بعد الميلاد، وكانت قد سيطرت قبل ذلك بحلول القرن الثاني الميلادي على الدول التي تعرف حديثًا بإنجلترا، وويلز، وفرنسا، وإسبانيا، والبرتغال، وبلجيكا، وسويسرا، والنمسا، وإيطاليا، والمجر، ورومانيا، وتركيا، واليونان، وألبانيا، ويوغوسلافيا، وفلسطين، ولبنان، وتونس، وأجزاءٍ من ألمانيا والاتحاد السوفيتي، والمغرب، والجزائر، وسوريا، ومصر.[٥][٦]
  • يقدر عدد السكان الذين عاشوا في الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني الميلادي بحوالي 54 مليون نسمة.[٥]
  • استولى الرومان على آسيا الصغرى بعد القرن الثاني قبل الميلاد لأهميتها الاستراتيجية ووقوعها على أهم طرق التجارة والزراعة، وحكموها لعدة قرون، وفي العام 190 ق.م، اجتاح الرومان الأناضول بعد هزيمة الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث، كما أسسوا بعد وفاة حاكم مملكة بيرغامون الأطلّية الملك أتالوس الثالث مقاطعة لهم في آسيا الصغرى واتخذوا من مدينة أفسس (Ephesus) عاصمةً لها.[٦]


كيفية نشأة الحضارة الرومانية

عن قيام الإمبراطورية الرومانية:[٣][٧]

  • قبل قيام الإمبراطورية الرومانية، كان هناك ما يُعرف باسم الجمهورية الرومانية التي امتد حكمها لمدة 500 عام، وقد بدأت الجمهورية الرومانية من مدينة روما أولاً، ثمّ توسعت لتسيطر على بقية إيطاليا، ثمّ إلى شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
  • يصعب تتبع الحروب والانتصارات التي حققها الرومان أيام الجمهورية؛ لأن التوثيق الكتابي للتاريخ لم يبدأ في روما حتى أواخر القرن الثالث ق.م، لكن المعروف أنّ ملامح سقوط الجمهورية سرعان ما بدأت تظهر بسبب عدم تمكنها من التكيف مع نفوذها الممتد، وبسبب الفجوة الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء التي أصبح يُدفع للجيش على إثرها بالذهب، مما أدى بالجنود إلى أن يقاتلوا لأجل جنرالاتهم بدلاً من القتال للجمهورية.
  • انتهز القائد العسكري غايوس يوليوس قيصر (Gaius Julius Caesar) الفرصة للسيطرة على الحكم، وأصبح ديكتاتور روما الذي فكك الحكومة، وطلب من مجلس الشيوخ الروماني أن يتولى الحكم مدى الحياة، وكان طلب يوليوس قيصر الذي دفع مجلس الشيوخ لاغتيالهِ في العام 44 ق.م، وقد انهارت الجمهورية بموتهِ، وتأسست بدلاً منها الإمبراطورية الرومانية.
  • قامت حربٌ بين القائد الروماني مارك أنطوني وأوكتافيان (ابن يوليوس قيصر بالتبني)، نجم عنها هزيمة أنطوني في معركة أكتيوم في العام 31 ق.م، وفي العام 27 ق.م، اختار شعب روما ومجلس الشيوخ الروماني أوكتافيان إمبراطورًا، وتمّ منحهُ اسم أغسطس.


نهاية الحضارة الرومانية

لم تسقط روما التي حكمت لأكثر من 1000 عام بين ليلة وضحاها؛[٨] بل تسبب بذلك عدد من الوقائع التي حدثت على مدى فترة طويلة من الزمن، ومن أهم أسباب سقوط الإمبراطورية الرومانية:[٩]

  • غزو القبائل البربرية: تعرضت روما لسلسلة من الخسائر العسكرية بسبب حروبها مع جهاتٍ خارجية، مثل القبائل الجرمانية التي استمرت مواجهاتها معها لقرون، وبحلول القرن الثالث عشر، اجتاحت قبائل بربرية مثل القوط حدود الإمبراطورية الرومانية، ونجح الملك القوطي ألاريك الأول بنهب روما في العام 410.
  • المشاكل الاقتصادية والاعتماد المفرط على العمل القسري: أدت الحروب المستمرة والإنفاق المفرط إلى استنزاف خزائن الإمبراطورية، وتسبب التضخم المالي والضرائب في توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وفرّ عدد من الأغنياء من روما إلى الريف من أجل تجنب الضرائب وأقاموا إقطاعياتهم المستقلة، وفي نفس الوقت، عانت الإمبراطورية من نقصٍ في الأيدي العاملة، وقد أثر ذلك عليها سلبًا لأن اقتصاد روما اعتمد على العبيد في العمل في الحقول والصناعات الحرفية، وكانت التوسعات هي ما تزودها بالعمال من الشعوب المحتلة، ولكن ذلك انتهى مع توقف توسع حدود الإمبراطورية في القرن الثاني، وتسبب في تعثر اقتصادها وتراجع إنتاجها التجاري والزراعي، مما أدى بها لفقدان سيطرتها على أوروبا.
  • صعود الإمبراطورية الشرقية: قسم الإمبراطور ديوكلتيانوس الإمبراطورية إلى قسمين شملا الإمبراطورية الغربية ومركزها مدينة ميلانو، والإمبراطورية الشرقية ومركزها مدينة بيزنطة، ومع مرور الوقت، تباعدت الإمبراطوريتان، وفشلتا في العمل معًا للتصدي للتهديدات الخارجية، وتقاتلتا على الموارد والمساعدة العسكرية، ومع اتساع حدودها، نمت قوة الإمبراطورية الشرقية الناطقة باليونانية، وتعرضت الإمبراطورية الغربية لأزمة اقتصادية، مما ساهم في تحويل الغزوات البربرية نحو الغرب.
  • الإفراط في التوسع والإنفاق العسكري: قد تكون عظمة الإمبراطورية الرومانية المتمثلة بامتدادها من المحيط الأطلسي إلى نهر الفرات في الشرق الأوسط أحد أسباب سقوطها، فقد واجهت الإمبراطورية بسببها مصاعب إدارية ولوجستية لم تتمكن بفعلها من التواصل بسرعة لإدارة شؤون أراضيها، وقد تسبب ضخ الأموال الطائلة للقطاع العسكري بإضعاف البنية التحتية للإمبراطورية.
  • الفساد الحكومي وانعدام الاستقرار السياسي: تسببت المساحة الشاسعة للإمبراطورية الرومانية بانعدام أساليب القيادة الفعالة، وأدت الحرب الأهلية لدخول الإمبراطورية في حالةٍ من الفوضى التي كان من أبرز مظاهرها تولي 20 رجلاً العرش في غضون 75 عامًا، وأصبح منصب الإمبراطور خطرًا وينتهي بالقتل عادةً، وكان الحرس البريتوري (الحرس الشخصي للإمبراطور) يغتالون الأباطرة ويختارون من يخلفهم كيفما شاؤوا، حتى أنهم في إحدى المرات باعوا المنصب لمدن يدفع أغلى ثمن، وقد تفشى الفساد السياسي أيضًا في مجلس الشيوخ الروماني، الذي فشل في وضع حدٍ لتجاوزات الأباطرة، مما تسبب فقدان شعب الإمبراطورية الثقة في قيادتهم.
  • ظهور شعب الهون وهجرة القبائل البربرية: كان من أسباب الهجمات البربرية على روما الهجرات الجماعية التي سببها غزو شعب الهون (Huns) لأوروبا في أواخر القرن الرابع؛ حيث دفعوا العديد من القبائل الجرمانية إلى حدود الإمبراطورية الرومانية عند وصولهم لشمال أوروبا، وسمح الرومان كرهًا لأفراد قبيلة القوط بالعبور جنوب نهر الدانوب وصولاً إلى الأراضي الرومانية الآمنة، ولكنهم عاملوهم بوحشية لدرجة إجبار المسؤولون الرومانيون القوط الجائعين على مقايضة أطفالهم ليصبحوا عبيدًا مقابل الحصول على لحوم الكلاب، وقد أدت القسوة التي تعرض لها القوط إلى القيام بثورة تسببت بطرد الجيش الروماني وقتل الإمبراطور فالنس في معركة أدريانوبل في العام 378 م.
  • انتشار المسيحية وفقدان القيم التقليدية للإمبراطورية: تزامن انهيار روما مع انتشار المسيحية، وهناك من يعزو سبب سقوط الإمبراطورية الرومانية إلى ظهور هذا الدين الجديد آنذاك، وفي العام 313، شرع مرسوم ميلانو (Edict of Milan) الديانة المسيحية، الذي أصبح لاحقًا دين الدولة مما أنهى عقودًا من الاضطهاد ووضع حدًا لنظام القيم الرومانية التقليدية، وحلت المسيحية بدل الدين الروماني متعدد الآلهة، الذي كان يضع الملك منزلة الإله، وتزايد على إثر ذلك دور الباباوات والشخصيات الدينية في الشؤون السياسية، مما تسبب في تعقيد نظام الحكم.
  • إضعاف الجيش الروماني: تدهورت أوضاع الجيش الروماني مع الأحداث التي تسببت على مراحل بانهيار الإمبراطورية، ولم يعد بالإمكان تجنيد العدد الكافي من الجنود من المواطنين الرومان، مما دفع أباطرةً مثل ديوكلتيانوس وقسطنطين بن هيلانة لتجنيد المرتزقة الأجانب لدعم جيوشهم، كما ازدادت أيضًا أعداد القوط الجرمانيين وغيرهم من أفراد القبائل البربرية في الجيش الروماني، حتى بدأ الرومان الأصليون باستخدام الكلمة اللاتينية “barbarus” التي تعني بربري بدلاً من كلمة جندي، وكان ولاء الجنود البرابرة قليلاً جدًا أو معدومًا تجاه الإمبراطورية، وكان ضباطهم كثيرًا ما ينقلبون ضد قادتهم من الرومان، ونهب العديد منهم مدينة روما وأسقطوا الإمبراطورية الغربية.


عوامل قيام الحضارة الرومانية

من أهم العوامل التي أدت لقيام الإمبراطورية الرومانية:[١٠]

  • التنوع في المؤسسات السياسية: امتازت المؤسسات السياسية في الإمبراطورية الرومانية في أوجها بمرونتها وتنوعها، إذ كانت منقسمة إلى فئتين من المجتمع الروماني: فئة الأرستقراطيين الأثرياء، وفئة عامة الشعب، وفي البداية، كان النبلاء وحدهم من يشغلون المناصب السياسية ويتخذون القرارات الهامة، ولكن مع مرور الوقت، أثبت العامة نفوذهم في النظام السياسي، وتمّ إنشاء مكاتب سياسية جديدة للعامة، وفُتح المجال لهم لتولي المناصب العليا، ومنحت مجالس التصويت لهم دورًا كبيرًا في تحديد سياسات الإمبراطورية.
  • القوة العسكرية: كان الجيش الروماني أكبر الجيوش عددًا وأكثرها شراسة في القتال في العالم القديم، وكان سببًا في زيادة نفوذ وسيطرة الإمبراطورية، وكان يسمح للرجال فقط بالانضمام للجيش الروماني، وتقدر أعداد جنودهِ بنصف مليون جندي، وكان من أبرز مهاراتهم رماية السهام والرماح واستخدام مقاليع الحجارة والسباحة والقتال من على الخيل.[١١]
  • القوة الاقتصادية: أدى التوسع العسكري للإمبراطورية الرومانية إلى تقويتها اقتصاديًا، خاصةً عن طريق غنائم الحروب وجلب العبيد إلى روما، وامتاز اقتصاد روما بأنه زراعي وقائمٌ على العبودية، وشملت المحاصيل الأساسية للمزارعين الرومان العنب والزيتون والحبوب، وكان مسموحًا للمزارعين بالتبرع بالمحاصيل الفائضة للحكومة بدلاً من الضرائب النقدية، مما ساعد في التوزيع المجاني للحبوب وإطعام الشعب دون أي تكاليف مالية.[١٠][١٢]
  • الموقع الاستراتيجي لمركز الحضارة الرومانية: ساعد الموقع الجغرافي المتميز لروما على ازدهارها بسبب وقوعها بالقرب من نهر التيبر الذي تلتقي فيه الطرق التجارية، أيضًا وفر موقع روما البعيد عن الساحل الحماية لها من هجمات القراصنة والأعداء، وساعدها على الاستفادة من الحركة التجارية القائمة في البحر الأبيض المتوسط.[١٣]
  • التطور الحضري في روما: طور الرومان نظام صرف صحي في مدينة روما لمواكبة التزايد المستمر لأعداد السكان وللحفاظ على الصحة العامة، وتمّ أيضًا إنشاء الطرق والقنوات وبناء المعابد والصروح السياسية.


إنجازات الحضارة الرومانية

من أبرز إنجازات الإمبراطورية الرومانية:[١٤][١٥]

  • الصحف: أسست الإمبراطورية الرومانية نظامًا لنشر الأخبار السياسية والمحاكمات والشؤون المدنية لعامة الناس، وذلك بكتابة المعلومات على ألواح حجرية أو معدنية وتعليقها في المناطق المكتظة بالسكان في المدينة.
  • الألعاب: اخترعوا عدداً من الألعاب بما في ذلك بعض ألعاب الكرة والطاولة.
  • التقويم الروماني: طور الرومان تقويمًا يحتوي على ما يقرب من 365 يومًا، وقد ظل هو نفسه التقويم المستخدم في العصر الحالي بعد إجراء تعديلاتٍ طفيفة عليه.
  • العمارة الرومانية: يوصف الرومان بأنهم بناؤون عظماء، وقد طوروا تقنياتٍ جديدة للمباني المختلفة، واخترعوا الخرسانة والطرق والأقواس الرومانية والقنوات المائية الطويلة.
  • تحسينات الملابس: اخترع الرومانيون الجوارب، وكان كلٌ من الرجال والنساء يرتدونها، وحسنوا نوعية الأحذية التي تهتم بشكل الأقدام واختلافها ولجعلها مريحة عند المشي، كما صمموا قبعاتٍ أنيقة.

المراجع

  1. Brittany Garcia (18/4/2018), "Romulus and Remus", worldhistory, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  2. "Ancient Rome for Kids", ducksters, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "The Roman Empire (27 BC – 476 AD)", digitalmapsoftheancientworld, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  4. "Ancient Rome Timeline", ducksters, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  5. ^ أ ب the second century AD,parts of Germany, the Soviet "The Roman Empire", spartacus-educational, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  6. ^ أ ب "ROMAN EMPIRE IN ASIA MINOR", allaboutturkey, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  7. "When Did the Roman Empire Start and End?", romecitytour, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  8. " The Fall of Rome", ducksters, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  9. EVAN ANDREWS (14/1/2014), "8 Reasons Why Rome Fell", history, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  10. ^ أ ب "The Roman Republic", khanacademy, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  11. Roman army was the,very advanced for its time. "What was life like in the Roman army?", bbc, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  12. Simple Yet Powerful Economy&text=Ancient Rome was an agrarian,by small scale industrial production. "ANCIENT ROMAN ECONOMY", unrv, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  13. "The Geography of Ancient Rome", nxtbook, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  14. developed many new techniques,end and delivered fresh water. "Roman Achievements & Inventions", rome.mrdonn, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  15. "10 MAJOR ACHIEVEMENTS OF THE ANCIENT ROMAN CIVILIZATION", learnodo-newtonic, Retrieved 29/4/2021. Edited.