امتدت الحضارة القبصية من (7000) قبل الميلاد حتى (5000) قبل الميلاد، وهي من حضارات ما قبل التاريخ في بلاد تونس؛ حيث توسعت هذه الحضارة على أجزاء من البلاد التونسية، فقد شملت القصرين (فريانة وقفصة) وجزءاً من الجزائر (تبسة)، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى قبصة عاصمتها والتي تعرف بالوقت الحاضر باسم قفصة الواقعة بتونس، وقد تم العثور على معالم الحضارة عن طريق الحفريات التي عثر عليها الباحثون، وقد كان القبصيون يمارسون طقوس عباداتهم بالمعابد ويدفنون فيها موتاهم.[١]


نشأة الحضارة القبصية

نذكر في ما يأتي أهم المعلومات عن نشأة الحضارة القبصية:

  • أين نشأت الحضارة القبصية: نشأت الحضارة القبصية جنوب تونس في المناطق الداخلية بشمال أفريقيا، حيث تقع في منطقة البحيرات المالحة الكبرى، قرب قفصة وتحديداً قرب جبل (al-Maqṭa).[٢]
  • انتشارها: امتدت غرباً لتصل المحيط الأطلسي، ثم امتدت لتغطي جزءاً واسعاً من الجزائر، وجزءاً من الصحراء الكبرى.[٣]
  • العصور التي سبقتها: سبق نشوء الحضارة القفصية عدة عصور أخرى، نذكر منها:[٤]
  • العصر الجيولوجي الرابع القديم.
  • حضارة الحجارة ذات الوجهين.
  • العهد الأشولي.
  • العهد الموستيري.
  • عصر رجل النيانديرتال.
  • أواخر العصر الجليدي الذي نشأت فيه الحضارة القفصية.


أهم الجوانب الاقتصادية للحضارة القبصية

لقد بنى القبصيون اقتصادهم وفقاً لأسس محددة للعيش والاستقرار، وذلك بناء على الفصول الأربعة للسنة والمناطق منها الساحلية أو الصحراوية، وحسب مواسم صيد الحيوانات وقطف الثمار، لقد كان القبصيون يتمتعون بكثافة سكانية عالية خاصة في منطقة تبسة الواقعة شرقي مدينة الجزائر، وفيما يلي ذكر لأهم الجوانب الاقتصادية للحضارة القبصية:[٥]

  • الجانب التجاري: لجأ القبصيون إلى الصيد كنمط حياة حيث كانوا يصطادون الحيوانات واشتهروا بتربية الماشية البرية، والغزلان، والأغنام، والأرانب البرية، إضافة إلى الحمر الوحشية، والظباء، واشتهروا باستهلاك بيض النعام، وكانوا يجمعون الحلزونات الأرضية والقواقع.
  • الجانب الزراعي: كان القبصيون يجمعون النباتات البرية التي تشمل الفواكه، والأعشاب البرية المختلفة، والجذور، وأثبتت الدراسات وجود النباتات الحرجية الغنية بأشجار البلوط والفلين، وأشجار الأرز، والزيتون والسرو، والدفلى في الهضاب الصحراوية؛ حيث تشهد بعض البذور التي عثر عليها بمقرات تديكيلت على وجود الزراعة ولو على نطاق ضيق مثل: بذور اليقطين، والدباء، بالإضافة إلى بذرة عنب واحدة متحجرة من نوع (فيتيز فنيفيرا) بتمبرورين في عمق تديكيلت أيضاً.[٦]
  • الجانب الصناعي: قام القبصيون بتصنيع عدد من القطع الأثرية كأدوات مساعدة لجمع النبانات منها: الأحجار ذات الثقوب التي ربما استخدموها لحفر الجذور، إضافة إلى شفرات الصوان ذات الحواف اللامعة، والمناجل المصنوعة من العظام والسكاكين، قد اشتهر القبصيون بالصناعات الحجرية الصغيرة وصناعة الأدوات على شكل مثلث، كما توصلوا إلى المثاقب اليدوية وتسنين الشفرات، حيث اشتهر القبصيون بصناعة الحجر وصناعة الفخار وصناعة الحلي مثل: القلائد والأقراط المرصعة بالفضة والخواتمصنا.


الجانب الفني للحضارة القبصية

يعتقد الباحثون أن القبصيين مسؤولون عن الفن الصخري في الأطلس الصحراوي؛ حيث كانوا ينقشون بعض الحيوانات على بيض النعام والصخور، ومن الأمثلة على ذلك: موقع الداموس الأحمر، والذي وجد فيه بيض نعام منقوش، وتم اكتشاف صدفة كاملة لبيضة نعامة تحمل رسم حيوانين هما ظبي، وبقرة في ولاية ورقلة.[٧]


الفنون والعمارة

تمثل الرسوم والنقوش براعة فائقة من حيث شكلها وانسجام ألوانها، وهي وسيلة للتعبير عن أفكار الإنسان القفصي التي تنتمي إلى العصر الحجري الحديث، وهناك بعض القطع الفنية التي تعود للحضارة القفصية مثل: القدور المزينة بالسفن ومن حولها أشكال مختلفة، وقطيع من الغزلان المرسومة على الجدران، وجارية من عاج تحمل فوق رأسها قدراً، وغيرها، وقد تم تقسيم الأعمال الفنية الحجرية القبصية إلى فن جداري وفن منقول:[٨]

  • الفن المنقول: يتميز بوجود قطع من العظام أو الحجارة أو قرون الحيوانات، التي نحتت عليها نقوش وصور ورسومات لحيوانات تعود إلى المناخ الجليدي آنذاك، مثل: الماموث والدب، تعبر عن الملامح الحضارية والفكرية، وتعكس الجوانب الدينية للحضارة في ذلك الوقت من الزمن.
  • الفن الجداري: سمي أيضاً بالفن الصخري وهو رسم أو نقش على الجدران الموجودة في المغارات والكهوف، كتلك الرسومات الموجودة في جنوب وهران حيث أنها نقوش مرسومة بالطابع القفصي تعود لحيوانات كالجاموس القديم، فضلًا عن رسوم ومناظر للماشية المستأنسة.


أهم إنجازات الحضارة القبصية الأخرى

فيما يلي، ذكر لبعض الإنجازات الأخرى التي قام بها القبصيون:[٩]

  • استئناس الحيوان مثل: الماعز والأغنام والجاموس والخنازير والأبقار.
  • تدجين الزراعة.
  • صناعة الإبر من قرون الحيوانات.
  • صناعة آلات خاصة بإعداد الأرض تشبه المحراث.
  • النحت على الحجارة.
  • استخدام العظام لتصنيع الرماح المسننة.
  • صناعة بعض أدوات الزينة الشخصية.
  • النقش على الفخار.


معلومات أخرى عن الحضارة القبصية

أشهر مدن الحضارة

تعد الأماكن خنقة محمد الطاهر (الأوراس)، والداموس الأحمر، وموقع بوزاباوين بجبل الفرطاس، من الأماكن التي تدل على ممارسات زراعية، وتوجد معظم مدن القفصيين في السهول العليا والهضاب الممتدة شمال التخوم الصحراوية ولذلك فهي تظهر في كل من شمال ليبيا، وجنوب غربي تونس في منطقة قفصة، وشرقي الجزائر ثم منطقة ورقلة بالوسط الجزائري، أما الصحراء الشمالية الغربية فتتمثل في حاسي مندة ووادي الزقاق، حيث تغطي القسم الأكبر من الصحراء الجزائرية وشرقها، وغربها، وجنوبها الغربي.[١٠]


لغة الحضارة القبصية

تشير الدراسات إلى أنهم كانوا يتواصلون في ما بينهم من خلال الإيماءات المصحوبة برموز صوتية دقيقة، أو الإشارات، ثم تطوروا حتى أصبحوا يتواصلون بالكلام الواضح حيث تكونت المجتمعات الطبقية بعد ذلك، وتم إنشاء منظومة من اللغويات،[١١] والجدير بالذكر أنه لا توجد أدلة صريحة واضحة ومباشرة تدل على ماهية اللغة المستخدمة لديهم في ذلك الوقت، وتفيد الدراسات أنهم كانوا يستعملون إشارات وأصوات، حيث استند العلماء إلى أدلة غير مباشرة؛ مثل زيادة نمو التبادل بين السكان الموجودين في المناطق النائية والتي تعتمد وجوباً على اللغة، كما تعتمد على تطور الابتكارات التكنولوجية التي لا يمكن أن تحدث إلا باستخدام لغة متطورة.[١٢]


ديانة الحضارة

كان لدى القبصيين طقوساً جنائزية عبروا من خلالها عن طقوسهم الدينية، فقد عبروا عنها بأشكال مختلفة حسب البيئة والظروف المحيطة؛ إذ أنهم عبدوا الحيوان، حيث رسموا الكباش القرناء التي تدل على عبادة الشمس، إضافة إلى ذلك فقد جسدت بعض الرسومات شكل الإنسان في صورة حيوان، وكانوا يدفنون الموتى حسب طقوس متغيرة أهمها الوضع المضطجع الجانبي المنحني، كما كانوا يطلون الأجسام البشرية بالألوان المطحونة، وتركوا خلفهم معالم دفن حجرية إلى جانب تماثيل حجرية جسدت عبادتهم للحيوان.[١٣]

المراجع

  1. "الحضارة القبصيّة"، الحضارة القبصيّة، 27/7/2021. بتصرّف.
  2. "Capsian industry", britannica, 27/7. Edited.
  3. "حضور طائر النعام في بلاد المغرب من خلال شواهد الحضارة القفصة وامتدادها"، مجلة المعارف للبحوث والدراسات التاريخية، صفحة 82. بتصرّف.
  4. محمد الهادي الشريف، تاريخ تونس من عصور ما قبل التاريخ الى الاستقلال، صفحة 13-14. بتصرّف.
  5. desmondclark, The cambrideg history of africa, Page 355-383. Edited.
  6. غوتي منال وسيلة سلاف، العصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 100. بتصرّف.
  7. غوتي منال وسيلة سالف، العصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 115. بتصرّف.
  8. غوتي منال سيلة سالف، العصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 45-48. بتصرّف.
  9. غوتي منال سيلة سلاف، العصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 13-39. بتصرّف.
  10. غوتي منال وسيلة سلاف، لعصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 98. بتصرّف.
  11. "Language and Spiritual culture in Old stone age Read more at: https://www.shorthistory.org/prehistory/language-and-spiritual-culture-in-old-stone-age/", shorthistory. Edited.
  12. "ما اللغة التي تحدث بها البشر في العصور الحجرية؟"، الديار. بتصرّف.
  13. غوتي منال سيلة سالف، العصر الحجري الحديث في الجزائر، صفحة 117-119. بتصرّف.