بدأ المُعز في محاولات فرض سيطرته على المغرب الأقصى بعد أن أعاد الأمن في أوراس، ونجح في تعزيز سلطته في الأقاليم الغربية المختلفة، وقام بتوثيق علاقاته مع الصنهاجيين، كما بدأ الحرب ضد الأندلس، وقام بخوض عدة عمليات حربية (برية وبحرية) مع الخلافة الأموية في العام 954 م، وفي العام 959 م انطلق الجيش الفاطمي باتجاه التاهرات، ومن بعدها استولى على سجلماسة، وأتبعها بفرض الخلافة الفاطمية على مدينة فاس، وتبعتها بعد ذلك جميع بلاد المغرب وتم ضمها للدولة الفاطمية.[١]

الفاطميون في المغرب

في منتصف القرن الثاني الهجري قام عبيد الله المهدي بالتوجه إلى سلمية لإكمال دعوته؛ لانقسام الحركة الإسماعيلية، وكشف هويته من قبل العباسيين، وقام بتأسيس الدولة الفاطمية في المغرب حسب الآتي:[٢]

  • استقبل دعوة من عبد الله الداعي للحضور إلى إفريقيا، وتوجه للمغرب في العام 902م مع عدّة من الرفاق، مثل؛ القائم، وأبي العباس، وجعفر بن علي، وغيرهم.
  • في طريقه نحو كتامة كان قد أرسل عدّة رجال لإخبار أبي عبد الله بقدومه للمغرب، ولكن تم القبض على أبي العباس ورجاله، ونتيجة لذلك اتجه المهدي نحو سجلماسة.
  • أقام المهدي في سجلماسة حرًا طليقًا، وسيطر عليها، وأرسل بعض أهالي القيروان لأبي عبد الله الداعي.
  • قام أبو عبد الله الداعي مع جيش كبير بالتوجه لسجلماسة لاستقدام المهدي في العام 909م، وتنصيبه على العرش.
  • في العام 910 م وصل المهدي إلى رقّادة، واستقر بها، ومُنح لقب المهدي أمير المؤمنين، وبدأ بتنظيم الدولة الفاطمية في طرابلس، وإفريقيا، والزاب.


نسب الفاطميين

يعود نسب الفاطميين أو العبيديين إلى عبيد الله المهدي؛ الذي يعد مؤسس السلالة والدولة الفاطمية، والداعي لإقامتها في المغرب العربي، ومصر، والشام، والذي يُعد أول الملوك وأول من حكَم الدولة الفاطمية، واختلف المؤرخون في اتصال عبيد الله المهدي بإسماعيل بن جعفر الصادق؛ حيث ذكر المقريزي أن الفاطميين يطلقون عليه اسم عبيد الله بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، بينما يقول المبطلون أنّ نسبه يعود لسعيد بن ميمون القداح، وروايات متعددة متنوعة بين المؤيدين والمُنكرين.[٣]


تنظيم الدولة الفاطمية في المغرب

تُعد الفترة الفاطمية من الفترات المضطربة في تاريخ البلاد الإفريقية؛ حيث تمتعت بتوازن وحياة مستقرة سياسيًا واقتصاديًا مع وجود العصر الأغلبي، والبربر، ثم اضطربت بعد ذلك، ومن مظاهر تنظيم الدولة الفاطمية في المغرب:[٤][٥]

  • قام المهدي بحكُم الدولة بمرونة؛ حتى يتجنب الثورات والمناهضات على الأمور التي فرضها لحُكم البلاد.
  • أظهر القائم بأمر الله حزماً وتشدداً أكبر من المهدي في سياسته في حكم الدولة، واستمر بذلك حتى اندلعت ثورة الخوارج.
  • اختار عبيد الله المهدي عمالًا من زعماء كتامة، وممن يثق بهم من المغاربة إلى الولايات المختلفة لنشر دولته ومعتقداته.
  • تم تعيين أبي عبد الله الشيعي لإخضاع بلاد المغرب؛ لأن أهلها لم يقرّوا بالطاعة للمهدي.
  • قام المهدي بالتخلص من أبي عبد الله الشيعي؛ لثقة الكتاميين به، ولعلو مكانته بين أهلي بلاد المغرب، وحتى لا يضعف نفوذ المهدي.
  • تعيين ولاة جُدد لإدارة الدولة الفاطمية بعد موت أبي عبد الله الشيعي؛ ولّى حباسة بن يوسف على المغرب الأدنى، وأخو المهدي عروبة بن يوسف على المغرب الأقصى والأوسط.
  • حرص المهدي على إخضاع قبائل صنهاجة، والقضاء على نفوذ الأدارسة.
  • أسس المهدي المدينة المهدية؛ حتى تكون له ولأتباعه حصنًا، ومقرًا لنشر الدعوة الإسماعيلية.


الأوضاع الاجتماعية في عهد الدولة الفاطمية في المغرب

من أبرز المظاهر الاجتماعية في عهد الدولة الفاطمية في المغرب:[٦]

  • طبقات المجتمع: تكون المجتمع المغربي في عهد الدولة الفاطمية من طبقات، وهي:
  • الخلفاء ورجال الدولة: تميزوا في البذخ والترف، وأحاطوا أنفسهم بهالة من القداسة من دُعاة، وقضاة، وقادة، وعلماء.
  • الجند: وهم الجيوش التي تُدافع عن الدولة، وتم إنشاء ديوان خاص بهم يُدعى ديوان العطاء؛ للإنفاق عليهم وتدبير أمورهم، وصرفوا لهم رواتب مُجزية، وأغرقوهم بالعلاوات والمكافآت، وتكفلوا بعائلاتهم بعد وفاتهم.
  • التجار: تمتعوا بمكانة مرموقة؛ نظرًا للازدهار التجاري في عهد الدولة الفاطمية.
  • عامة الشعب: والتي تقع في أسفل الهرم الاجتماعي، كانوا من النساء، والصبيان.
  • العبيد: والذين شكلوا شريحة كبيرة من المجتمع المغربي، وكان يتم توظيفهم عند الخلفاء، وكان أغلبهم من الصقالبة، والسودانيين، والرومانيين.
  • أهل الذمة: وهم الجاليات من اليهود والنصارى، ولم يكن لهم مكان محدد في الدولة.
  • الطعام: تزينت موائد الفاطميين من الحكام وعامة الشعب في ما لذ وطاب من أصناف الطعام، والفاكهة، والسفرة أنيقة المظهر.
  • الملابس: تميزت ملابس الحكّام في مظاهر البذخ والعظمة المُزينة بالذهب والتصميمات الفاخرة، بينما عامة الشعب ارتدوا ملابس بسيطة تعكس مكانتهم الاجتماعية.
  • الاحتفالات: أقام الفاطميون الاحتفالات بالمناسبات المتنوعة، مثل؛ الزواج، والأعياد، والمناسبات الدينية.


سقوط الدولة الفاطمية في المغرب

من أهم أسباب سقوط الدولة الفاطمية في المغرب:[٧]

  • وجود حركات مُضادة للدولة الفاطمية في المغرب؛ مثل محاولات أبي عبد الله الشيعي في الثورة ضد حكم المهدي.
  • تصاعد الخلاف المذهبي بين المالكية والشيعة في المغرب، وكثرة الحروب والصراعات بينهما.
  • انتقال المعز لدين الله من المغرب إلى مصر.[٨]

المراجع

  1. فرحات الدشراوي، الخلافة الفاطمية بالمغرب، صفحة 334- 346. بتصرّف.
  2. محمد سهيل طقوش، تاريخ الفاطميين في شمالي إفريقية ومصر وبلاد الشام، صفحة 74-77. بتصرّف.
  3. عبدالرحمن بن ماجد آل قراجا الرفاعي الزرعيني، دراسة نسب الفاطميين: التحقيق الفاطمي، صفحة 3-5. بتصرّف.
  4. محمد جمال الدين سرور، تاريخ الدولة الفاطمية، صفحة 27-28. بتصرّف.
  5. فرحات الدشراوي، الخلافة الفاطمية بالمغرب، صفحة 413-414. بتصرّف.
  6. رفيق بوراس، الأوضاع الاجتماعية بالمغرب في عهد الخلافة الفاطمية، صفحة 39-93. بتصرّف.
  7. فاطمة بلهواري، الفاطميون وحركات المعارضة في المغرب الاسلامي، صفحة 182- 261. بتصرّف.
  8. عبدالرؤوف جرار، سقوط الدولة الفاطمية في المغرب ونبذ التشييع، صفحة 120. بتصرّف.