نيلسون مانديلا (بالإنجليزية: Nelson Mandela)، ناشط حقوقي جنوب أفريقي، وأول رئيس قومي أسود في جنوب أفريقيا، كان أحد أهم الناشطين الذين شاركوا في النضال السلمي والمسلح ضد القمع العنصري في البلاد، وقع على إثرها في السجن لمدة ثلاثة عقود، ثم خرج عام 1990م، ليكمل مسيرته في النضال ضد قوانين الفصل العنصري، ونجح في ذلك عام 1994م بعد أن تولى الحكم، وأنهى قوانين الفصل العنصري، وقاد بلاده إلى حكم ديموقراطي سلمي، حاز على إثرها على جائزة نوبل للسلام عام 1993م مناصفة مع الرئيس السابق دي كليرك الذي ساعد في إنهاء نظام الفصل العنصري في البلاد.[١]

نيلسون مانديلا: النشأة وبداية النضال السياسي

ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو 1918 في مفيزو، جنوب إفريقيا، لأب كان يترأس زعامة عشيرة ماديبا، ولكن نيلسون تخلى عن العرش، وقرر الالتحاق بالكلية الأصلية بجنوب إفريقيا لدراسة القانون، حيث اجتاز امتحان التأهيل ليصبح محاميًا.[٢][٣]


بدأ عمل نيلسون في النضال ضد العنصرية في عام 1944م عندما انضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC)، وهو مجموعة لتحرير السود، شغل فيه عدة مناصب مهمة مثل زعيم عصبة الشباب وغيرها، ساعد من خلالها في تنشيط المنظمة ومعارضة سياسات الفصل العنصري للحزب الوطني الحاكم، وعلى الصعيد العملي أسس مانديلا أول مكتب محاماة قانون للسود في جنوب أفريقيا، حيث تخصص في القضايا الناتجة عن تشريع الفصل العنصري بعد عام 1948م.[٢][٣]


استمر مانديلا في تحدي الأنظمة والقوانين المشرعة للفصل العنصري، مثل القوانين التي تنص على أن السود يجب أن يحملوا تصاريح محددة للسماح لهم بالمرور أو الوجود في مناطق البيض، وعمل على أخذ الدعم من عدة جهات سلمية لمساعدته على إيصال صوته في جنوب أفريقيا والعالم ضد العنصرية.[٢][٣]


نيلسون مانديلا: محاكمة ريفونيا

تعرض مانديلا لعدة مضايقات من الحكومة انتهت بالسجن، كان أولها حظره من السفر والتجمع والكلام في عام 1952م، ثم اعتقاله في 1956م مع أكثر من 100 ناشط سياسي في حملة تهدف إلى مضايقة النشطاء المناهضين للفصل العنصري، ولكن تمت تبرئته عام 1961م.[٢][٣]


بعد ذلك، تخلى مانديلا عن نضاله السلمي، وبدأ في الدعوة إلى النضال المسلح ضد النظام، بعد حدوث مذبحة قتلت فيها الشرطة 69 شخصًا أعزلًا في احتجاج في شاربفيل ضد قوانين المرور، حيث بدأ في الدعوة السرية للمقاومة، وعمل على حشد الدعم العسكري من خلال سفره حول إفريقيا، ومن ثم إلى إنجلترا، وقد تلقى مانديلا أيضًا تدريبًا عسكريًا في شمال أفريقيا استعدادًا للمرحلة الجديدة، ثم عاد إلى جنوب إفريقيا في يوليو 1962م ليكمل ما بدأ، ولكنه اعتُقل في حاجز للشرطة في 5 أغسطس، وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات.[٢][٣]


وفي أكتوبر 1963م، داهمت قوات الشرطة أحد المخابئ السرية للمناضلين في مقر قيادة مترو الأنفاق أومكونتو، حوكم على إثرها مانديلا المسجون والعديد من الرجال الآخرين بتهمة التخريب والخيانة والتآمر ضد النظام في محاكمة ريفونيا، حيث شهدت المحاكمة اعتراف مانديلا ببعض التهم الموجهة إليه، وإلقائه خطابًا مؤثرًا دافع فيه عن الحرية ضد الاستبداد، وأشاد فيه باستعداده للموت من أجل تحقيق الحرية، وفي 12 يونيو 1964م، حُكم عليه بالسجن المؤبد، ونجا من عقوبة الإعدام بصعوبة.[٢][٣]


نيلسون مانديلا: السجن

تعرض مانديلا ورفاقه المناضلون إلى أسوأ معاملة قد يتعرض لها أي سجين سياسي، حيث قضى أول 18 عامًا من أصل 27 عامًا في سجن وحشي في جزيرة روبن، وهي مستعمرة سابقة لمرض الجذام قبالة سواحل كيب تاون، وأُجبر على النوم في في زنزانة صغيرة دون سرير، بالإضافة إلى قيامه بأعمال شاقة في محجر الجير، ولم يحظَ مانديلا بنفس امتيازات زملائه أيضًا، فلم يُسمح له برؤية زوجته وأبنائه إلّا كل 6 أشهر، وتعرض إلى عقوبات لا إنسانية بشكل روتيني.[٢][٣]


وعلى الرغم من جميع القيود التي فرضوها على مانديلا في السجن، إلّا أنه لم يكف عن العمل والنضال، فحصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة لندن أثناء وجوده في السجن، وعمل كموجه لزملائه السجناء، فشجعهم على المقاومة السلمية للحصول على معاملة أفضل في السجن، وقام بتهريب تصريحات سياسية ومسودة من سيرته الذاتية؛ "Long Walk to Freedom"، التي نُشرت بعد خمس سنوات من إطلاق سراحه.[٢][٣]


أما خارج السجن، فقد ظل مانديلا الزعيم الرمادي للحركة المناهضة للفصل العنصري، على الرغم من أن أخباره قد انقطعت تمامًا عن الشعب، ولكن الشعب لم ينسه تمامًا، فقام أوليفر تامبو بإطلاق حملة "حرروا نيلسون مانديلا" التي أثارت غضبًا دوليًا كبيرًا ضد النظام العنصري في جنوب إفريقيا؛ أجبرت السلطات على عرض صفقة على مانديلا يتنازل فيها عن مطالب سياسية مختلفة مقابل حريته، ولكنه رفضها بشكل قاطع، وفي 11 فبراير 1990، أُطلق سراح مانديلا، بناءً على قرار الرئيس المنتخب حديثًا ف. دبليو دي كليرك، برفع الحظر المفروض على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.[٢][٣]


نيلسون مانديلا: رئيس جنوب أفريقيا

بعد خروج مانديلا من سجن، قاد حزب المؤتمر الوطني نحو مفاوضات سياسية مع الحكومة وعدة مؤسسات سياسية أخرى، تهدف إلى إنهاء الفصل العنصري وإنشاء حكومة متعددة الأعراق، وأثمرت مفاوضاته في 26 أبريل 1994م، عندما شهدت البلاد في أول انتخابات متعددة الأعراق، شارك فيها 22 مليون جنوب أفريقي في الإدلاء بأصواتهم، اختارت منهم الأغلبية الساحقة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لقيادة البلاد، حيث أدى مانديلا اليمين كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وعين دي كليرك نائبه الأول.[١]


عمل مانديلا خلال سنوات حكمه الأربع على تحسين العلاقات العرقية في البلاد، وتثبيط السود عن الانتقام من الأقلية البيضاء، وبناء صورة دولية جديدة لجنوب إفريقيا الموحدة، من خلال إنشاء حكومة متعددة الأعراق، وسن عدة قوانين منها؛ إنشاؤه لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات السياسية التي ارتكبها مؤيدو ومعارضو الفصل العنصري بين عامي 1960م و1994م، وتنفيذ عدة برامج اجتماعية واقتصادية مصممة لتحسين مستويات معيشة السكان السود في جنوب إفريقيا، وسن دستور جديد لجنوب إفريقيا، يقوم على إنشاء حكومة مركزية قوية قائمة على حكم الأغلبية وحظر التمييز ضد الأقليات، من ضمنهم البيض.[١]


نيلسون مانديلا: وفاته

اعتزل مانديلا السياسة عام 1998م، وصار سفيرًا للسلام في بلده، وفي جميع أنحاء العالم، فأنشأ عدة منظمات إنسانية، ودافع عن العديد من القضايا، ولكن بعد إصابته بسرطان البروستاتا في عام 2001م، قلص ظهوره كناشط في السلام، وتوفي في 5 ديسمبر 2013 بفعل مرض في الرئة.[١]



المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Nelson Mandela", history, Retrieved 3/1/2023. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "Nelson Mandela", britannica, Retrieved 3/1/2023. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Mandela was born into,the Thembu people, Jongintaba Dalindyebo. "Biography of Nelson Mandela", nelsonmandela, Retrieved 3/1/2023. Edited.