المماليك هم العبيد الذين تم استخدامهم لغايات القتال العسكرية والجيش في العصر العباسي، وقد تمكنوا من شقّ طريقهم نحو السُلطة، وإنشاء مملكة خاصة بهم وحُكم الدولة الإسلامية في مصر وسوريا من العام 1250م حتى العام 1517م،[١] وتم تسميتهم في المماليك لأنهم كانوا مملوكين من أشخاص آخرين.[٢]
بداية عصر المماليك
لم يتمكن السلطان الصالح أيوب من هزيمة الفرنسيين قبل وفاته التي كانت في العام 1249م، ولذلك ساعد المماليك توران شاه في الانتصار على الفرنسيين، ولكنّه أساء مُعاملة المماليك، وأنكر جهودهم، وغرق في ملذات الدُنيا وأهمل مسؤولياته في حُكم الدولة الأيوبية، مما جعل المماليك ينقلبون عليه، فاتفقوا مع الظاهر بيبرس على قتله، وفي العام 1250م قام الظاهر بيبرس بقتله بالسيف أثناء وليمة عشاء، وبدأ عصر المماليك بصورة رسمية بقيادة شجرة الدُر استناداً على أمومتها لابن توفي من أبناء السلطان الصالح أيوب.[٣]
أقسام عصر المماليك
انقسم عصر المماليك لقسمين على النحو الآتي:[٤]
المماليك البحرية
قام السُلطان الصالح نجم الدين أيوب بتأسيس جماعة المماليك البحرية لمُساعدته في الدفاع عن الدولة الأيوبية، وأطلق عليهم لقب المماليك البحرية لأنهم من قرب جزيرة الروضة في النيل، وأهم ما يميز المماليك البحرية:
- تمتعوا بقوة وشجاعة هائلين، مما ساعدهم على استغلال الظروف الداخلية والخارجية للدولة الأيوبية والسيطرة على حُكم مصر في العام 1250م، وانتهى حُكمهم في العام 1381م.
- اتبعوا نمط حكم أرستقراطي، ونمط إداري وظيفي.
- انقسموا إلى المماليك الظاهرية (نسبة للسلطان الظاهر بيبرس)، والمماليك الأشرفية (نسبة للسلطان الأشرف خليل بن قلاوون).
- انتصروا في معركة عين جالوت على المغول بقيادة قُطز، وأحكموا سيطرة المماليك على مصر، والشام.
- قاموا بإحياء الخلافة العباسية في الدولة الإسلامية.
- انتصروا على الصليبيين وأخرجوهم من بلاد الشام.
- أعادوا بناء القلاع، وأبراج المراقبة، والمنارات.
المماليك البرجية (الشركسية)
بدأ المماليك الظاهرية في رفض الحُكم الوراثي، لذا أسسوا مملكة خاصة بهم في أبراج القلعة (وهو سبب تسميتهم المماليك البرجية)، وأهم ما يميز المماليك البرجية:
- حكموا مصر في العام 1382م، وانتهى حُكمهم في العام 1517م.
- هزموا المغول في العام 1303م، وجمعوا الإقطاعات؛ مما عزز قوتهم.
- تمكنوا من هزيمة الفساد، وتحسين الأحوال المعيشية في عهد السلطان الناصر.
الحياة السياسية في عصر المماليك
من أبرز الممارسات والمظاهر السياسية في عصر المماليك:
السلاطين
لم يؤمن المماليك في نظام الحُكم الوراثي، وآمنوا بالمساواة، وبأحقية الخلافة للشخص الأقوى والأذكى، لذلك كان يتم اختيار السلُطان بناءً على موافقة الأمراء، ومن سلاطين المماليك:[٥][٦]
- الملك المنصور نور الدين (ابن أيبك)، حَكم في العام 1259م، وقاموا بإنهاء حُكمه في نفس العام؛ لحاجتهم إلى ملك تهابه الناس.
- الملك المظفر أحمد بن شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري، حَكم في العام 1421م بعد وفاة والده، ولكن تمكن الأمير ططر من إنهاء حُكمه وسجنه في الإسكندرية في نفس العام.
- الملك الصالح ابن ططر الذي حَكم بعد والده في العام 1421م، واستمر حكمه مدة عام حتى قام الأمير برسباي من خلعه.
- المعز عز الدين أيبك الصالحي (1250م-1256م).
- الناصر محمد بن قلاوون (1293م-1294م).
- الناصر أبو المحاسن حسن بن الناصر محمد (1347م-1351م).
- الناصر زين الدين أبو السعادات فرج بن برقوق (1398م-1405م).
- الأشرف قانصوه الغوري (1501م-1516م).
الولاة
عندما زاد الفساد في الدولة المملوكية قرر السلاطين (القوة العُليا) إلغاء وظيفة النائب، وابتداع وظائف إدارية جديدة مثل الوالي، ومن ميزات ووظائف الولاة:[٧]
- مثّل الولاة السُلطة المركزية في الدولة، وعُيّن لكل ولاية والٍ يهتم بأمورها.
- كان للوالي دار بعاصمة كل ولاية مسؤول عنها؛ يجمع بها الوالي الأموال للولاية، وبه سجن للمجرمين.
- امتلك الوالي مجموعة من الحاشية والأعوان؛ مثل نائب الوالي، والخازندار، وجنود.
- التفتيش على المدينة وتفقد أحوالها، وتحقيق الأمن والنظام في الولاية، والمحافظة على أموال الناس.
- المُشاركة في الأعمال العامة مثل إقامة السدود، وحفر الخلجان.
- إخبار السلاطين بأخبار الولايات ومستجداتها، ومساعدة القضاة في وظائفهم.
- ومن أبرز الولاة في عصر المماليك:[٦]
- صارم الدين المسعودي (1263م-1279م).
- نجم الدين أيوب الكردي (1345م-1346م).
- بهاء الدين أرسلان الصفدي (1398م).
- عمر بن سيفا الشوبكي (1435م-1438م).
الجيش
أهم ما يتعلق بالنظام العسكري لعصر المماليك، وسمات الجيش:[٨][٩]
- حرص السُلطان المملوكي بيبرس على الاهتمام في بناء السُفن الحربية، وكان يُشرف على بنائها بنفسه.
- كما قام بشراء الكثير من مماليك القفجاق وضمهم لصفوف الجيش.
- فئات الجيش:
- المماليك السلطانية.
- جند الحلقة.
- مماليك الأمراء.
- حصل أفراد الجيش على تدريب عسكري، ودروع، وأجور عالية من الدولة المملوكية.
- تراوح عدد أفراد الجيش بين 2-16 ألف جندي.
- من أبرز المعارك التي خاضها المماليك هي معركة حمص ضد المغول (الأولى والثانية)، ومعاركهم ضد الصليبيين، والعثمانيين.
الحياة الاجتماعية في عصر المماليك
من أبرز مظاهر الحياة الاجتماعية في عصر المماليك:[١٠]
- انتشرت عادة الأخذ بالثأر بين أفراد المجتمع، وكذلك النوح واللطم على المتوفين.
- آمنوا بالجن والأشباح بصورة كبيرة.
- اتخذوا من الألعاب، والتسامُر، ورواية القصص، والشعر، مصادر للتسلية.
- أقاموا الاحتفالات بمناسبة الزواج، والولادة وغيرها من المناسبات المهمة.
- طعامهم الشعبي كان الكشك؛ يتكون من القمح واللبن، والبيسبار؛ المكون من الفول والملوخية الجافة.
- كانت ملابسهم متواضعة، ولبس الفلاحين القحف على رؤوسهم، والأردية، والحدوة في أرجلهم.
- انقسمت الفئات المجتمعية في عصر المماليك إلى:
- الفلاحون.
- العربان المستفحلون.
- المماليك.
أهم الجوانب في عصر المماليك
من أبرز الازدهارات في الجوانب المختلفة في عصر المماليك:[١١]
طبيعة الاقتصاد
يُعد نظام اقتصاد المماليك نموذجاً مميزاً للأنظمة الإسلامية، والأوروبية، والمغولية، واعتمد النشاط الاقتصادي للمماليك على:
- الزراعة: اهتم المماليك بالزراعة كثيرًا؛ حيث تمت العناية بالجسور، والترع، والقناطر، وأشرف عليها السلاطين، وزُرع القمح، والكتان، وقصب السكر، والفواكه والخضروات، وصودر الفائض منها للبلاد المجاورة.
- الصناعة: ازدهرت الصناعة لكثرة الثروات وأصحابها الذين اقتنوا المواد والسلع، وتم استغلالها في الصناعة، وخصوصًا الصناعة العسكرية؛ حيث صنعوا الأقواس، والنشاب، والحربة، والسيف، وصناعة السفن، وكذلك برعوا في صناعة المنسوجات، والملابس، والمعادن، والأواني المنزلية، وصناعة الزجاج.
- التجارة: موقع مصر الاستراتيجي والشام من أهم أسباب نجاح الدولة المملوكية في التجارة، والحروب الصليبية ساهمت في تعزيز التبادل التجاري بين الصليبيين والمسلمين، بالإضافة لطرق التجارة مع الأوروبيين، والإيطاليين، والبنادقة.
- الضرائب: اكتسبت جزءاً كبيراً من أموالها من الضرائب؛ حيث تم فرض ضرائب عدة على المواطنين مثل ضريبة الخراج، والثغور، والمعادن، والمتجر، وغيرها.
العلوم والمعارف
من أبرز مظاهر العلوم والمعارف في الدولة المملوكية:
- إقبال علماء المشرق والمغرب على القاهرة جعل الدولة المملوكية محطة للعلماء والفضلاء.
- عقد المجالس العلمية والدينية بواسطة السلاطين.
- توافر المكتبات والكتب، والمدارس التعليمية، ودور المخططات بما يشمل جميع العلوم مثل الطب، واللغة، والجغرافيا، وغيرها.
- بروز عدد من العلماء في الزراعة، والهندسة، والعلوم، والفلك، والفلاحة مثل شهاب الدين بن طيبغا القاهري، والجركسي، وكمال الدين محمد بن عيسى الدميري.
- تقدير المدرس اجتماعيًا وماديًا، وبناء المدارس مثل مدرسة جامع عمرو بن العاص، ومدرسة جامع ابن طولون، والمدرسة الصالحية، وغيرها.
اللغة والديانة
من أبرز مظاهر اللغة والديانة في الدولة المملوكية:
- بناء المنشآت الإسلامية (المساجد والجوامع) في مختلف المدن، والتي استخدمت للدراسة أيضًا.
- انتشار التصوّف وحياة الزُهد بكثرة بين أفراد المجتمع.
- عقد الجلسات الأدبية، والتحدث باللغة العربية، والتاريخ، ودعم الطلبة.
- بروز الكثير من الشعراء واللغويين مثل البوصيري، والوراق، وشهاب الدين العزازي.
- ظهر الكثير من المبدعين في النثر والنظم مثل ابن نباتة المصري، والقلقشندي، وشمس الدين النواجي.
الأدب والفنون
جمعت الفنون والعمارة المملوكية بين الأساليب المصرية المحلية؛ الفاطمية، والطولونية، والأيوبية، والمغربية،[١٢] من أبرز مظاهر الأدب والفنون في الدولة المملوكية:[١٣][١١]
- الفنون الزخرفية: مثل الزجاج المطلي بالذهب والمينا، والمعادن المرصعة، والأعمال الخشبية، والمنسوجات.
- فن العمارة: الذي يتمثل في بناء المدارس، والمستشفيات، والأضرحة، والمآذن بتصاميم مميزة، وراقية.
- الأدب: ظهر عدد من المؤرخين مثل السير ابن عبد الظاهر، وابن سيد الناس، والقسطلاني، وتم بناء مدرسة الظاهر بيبرس في القاهرة وفيها خزانة كتب كبيرة.
- النحت: النحت على الرخام والجص، والشبابيك، وقطع الأثاث.
أسباب انتهاء الدولة المملوكية
العوامل التي أدت لانتهاء الدولة المملوكية:[١٤]
- العوامل الداخلية:
- ضعف قيادة السلاطين للدولة المملوكية.
- تغير المجتمع المملوكي حتى أصبح بعيدًا عن العدل والإيمان، وانتشر به الفساد والظلم.
- انقسام المجتمع المملوكي إلى فئات عديدة، وانعزال المماليك.
- الفساد السياسي، والعسكري، والإداري، والانهيار في المؤسسات الاقتصادية.
- العوامل الخارجية:
- الحملات الصليبية المستمرة على الدولة الإسلامية.
- سيطرة الصليبيين على التجارة الشرقية.
- ظهور العثمانيين كقوى إسلامية عُظمى، وإنهاء مكانة المماليك في مناطق مختلفة.
حقائق أخرى عن عصر المماليك
من المعلومات الإضافية عن عصر المماليك:[١٥]
- كان المماليك من أصل تُركي أو قوقازي غالبًا، وقد خدموا في العالم الإسلامي بين القرن 9 حتى القرن 19.
- حكم المماليك في أفغانستان والهند أيضًا.
- تمتع المماليك بمكانة اجتماعية أعلى من الأحرار؛ لأنهم كانوا جنودًا أقوياء، ونشؤوا في مجموعات بعيدة عن منازلهم.
المراجع
- ↑ "Mamluk", britannica, Retrieved 12/7/2021. Edited.
- ↑ "Mamluk", academic kids, Retrieved 12/7/2021. Edited.
- ↑ السيد الباز العريني، المماليك، صفحة 45-46. بتصرّف.
- ↑ مفيد الزيدي، العصر المملوكي، صفحة 20-79. بتصرّف.
- ↑ مروان سالم نوري، نظم الحكم والادارة في العصر المملوكي، صفحة 30. بتصرّف.
- ^ أ ب مروان سالم نوري، نظم الحكم والادارة في العصر المملوكي، صفحة 416-433. بتصرّف.
- ↑ مجدي عبدالرشيد بحر، القرية المصرية في عصر سلاطين المماليك، صفحة 38-43. بتصرّف.
- ↑ أحمد مختار العبادي، التاريخ الأيوبي والمملوكي، صفحة 200-206. بتصرّف.
- ↑ Adam Ali, "The Mamluk Military: A Professional Medieval Army", medieva lists, Retrieved 12/7/2021. Edited.
- ↑ مجدي عبد الرشيد بحر، القرية المصرية في عصر سلاطين المماليك، صفحة 227-253. بتصرّف.
- ^ أ ب مفيد الزيدي، العصر المملوكي، صفحة 231-263. بتصرّف.
- ↑ ضياء نعمة محمد العبيرة (23/2/2017)، "العمارة في العصر المملوكي"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ Suzan Yalman (12/10/2001), "The Art of the Mamluk Period (1250–1517)", met museum, Retrieved 12/7/2021. Edited.
- ↑ مفيد الزيدي، العصر المملوكي، صفحة 298 -308. بتصرّف.
- ↑ Kallie Szczepanski (3/7/2019), "The Mamluks", thoughtco, Retrieved 12/7/2021. Edited.