بدأ عصر الخلافة الراشدة بعد موت النبي محمد - عليه الصلاة والسلام -، وتحديدًا في العام 632 م، وتميز عصر الخلافة الراشدة في توحيد الجيوش، وتوسع الدولة الإسلامية بصورة كبيرة، ويُعد الخلفاء الراشدون من أفضل الخلفاء خلال العصور الإسلامية كافة،[١] وبعد خلافة علي بن أبي طالب انتهى عصر الخلفاء الراشدين، وتولى معاوية بن أبي سفيان خلافة الدولة الإسلامية مُعلنًا بدء العصر الأموي.[٢]
المبايعة بالخلافة
بعد أن أعلن أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وفاة الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- اجتمع عدد من الأنصار في سقيفة بني ساعدة للمُبايعة على الخلافة، وقد جرى الأمر كما يلي:[٣]
- أراد الأنصار مُبايعة سعد بن عبادة - زعيم الخزرج - كأمير للمسلمين، وذهب رجل لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لإخباره باجتماع الأنصار.
- تحدث عمر بن الخطاب مع أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -، واتفقا على انتخاب خليفة للمسلمين؛ لتجنب حدوث أي خلافات، وتوجها لسقيفة بني ساعدة.
- اقترح أبو بكر الصديق أن تمنح الخلافة لعمر بن الخطاب أو أبي عبيدة، وطلب من الحاضرين الاختيار.
- الحباب بن منذر الأنصاري اقترح أن تتم مُبايعة رجل من المسلمين ورجل من الأنصار، ولكن عمر بن الخطاب رفض أن يكون هناك أميران.
- بايع عمر بن الخطاب أبو بكر الصديق على الخلافة، ووافقه على ذلك أبو عبيدة، وأسيد بن حضير - سيد الأوس-، وبشير بن سعد الخزرجي، ومن ثم بايعه جميع من بالسقيفة، وأصبح أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين.
أسماء الخلفاء الراشدين
تولّى الخلافة الراشدة أربع خلفاء، وهم:[١]
- أبو بكر الصديق (632 م - 634 م): كان أول من آمن مع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك اكتسب لقب الصدّيق، وتمكن من محاربة المرتدين في حروب الردة، وعُرف بحُسن قيادته على الرغم من مدة خلافته القصيرة.
- عمر بن الخطاب (634 م - 644 م): المُلقب بأمير المؤمنين، والذي استمر في حملات أبي بكر، وتوسعت الدولة الإسلامية في عهده بشكل كبير، وأدخل العديد من الإصلاحات والمؤسسات الجديدة للدولة مثل الديوان، والشرطة، والمحاكم، وغيرها، وأنشأ التقويم الهجري، وتم اغتياله على يد عبد فارسي.
- عثمان بن عفان (644 م - 656 م): قام عمر بن الخطاب باختياره للخلافة من بعده، ولُقب بالكريم لشدة أعماله الخيرية، وقام بتوحيد مصر بأكملها، وضم العديد من الممالك للدولة الإسلامية، ورفض استخدام القوة في صد المرتدين؛ تجنبًا لسفك الدماء، وقام المتمردون بقتله وهو في منزله.
- علي بن أبي طالب (656 م - 661 م): في عهد علي بن أبي طالب كانت وحدة المسلمين مضطربة ومُتزعزعة؛ حيث كان معاوية زعيم العشيرة الأموية يسعى للانتقام لموت عثمان بن عفان، وحاول علي بن أبي طالب الوصول لحل وسط مع معاوية مما أثار غضب الخوارج وقاموا باغتياله أثناء صلاته.
أهم الجوانب في الخلافة الراشدة
من أهم الجوانب في عصر الخلافة الراشدة:[٤]
الإدارة والقضاء في الخلافة الراشدة
تم تقسيم الدولة الإسلامية إداريًا، وكانت عاصمتها المدينة المنورة، ومن أبرز مظاهر الإدارة والقضاء في الخلافة الراشدية:
- يتولى الخليفة إدارة العاصمة، وكل ولاية كان لها والٍ يُدير شؤونها يُعينه الخليفة.
- يتم تعيين الولاة حسب الأصلح منهم في العلم والإيمان، وكانت قوة الوالي تختلف حسب حاجة الولاية؛ حيث كانت الولايات العسكرية تحتاج الشجاعة والخبرة بالحرب، بينما الولايات السياسية بحاجة للعدل، ومعرفة أحكام الشرع والقدرة على تطبيقها.
- لم يكن هناك مدة محددة للوالي؛ بل عليه أن يُحافظ على مكانته بناءً على نجاحه وظروف ولايته.
- كان الولاة في البداية هم المسؤولين عن القضاء في الأمصار، وفي عهد عمر بن الخطاب تم فصل السلطة القضائية عن سلطة الولاة، وتم تعيين قضاة في المدينة والأمصار، وكان القاضي مرتبطً بالخليفة مباشرةً.
- تولى القاضي حل الخصومات بجميع أشكالها، وفي الحقوق المدنية والأحوال الشخصية.
الاقتصاد والموارد المالية في الخلافة الراشدة
اعتمد الاقتصاد والموارد المالية في عهد الخلفاء على الأمور الآتية:
- الجزية: وهي مقدار من المال يُفرض على أهل الكتاب ممن يعيشون في المجتمع الإسلامي من غير المسلمين، وتؤخذ من البالغين من الرجال فقط وليس من النساء ولا الأطفال.
- الخراج: وهي ضريبة على الأرض تُفرض على جميع الفاتحين ممن يملكون أرض للمُحافظة على أراضيهم، وأرض الخراج هي وقف للأمة.
- الغنائم: وهي ما يحصل عليه المسلمون من الحروب نتيجة القتال، وكانت الغنائم توزع بين المقاتلين (أربعة أخماس) والدولة (خُمس)، ونصيب الدولة يوضع في بيت المال.
- الزكاة: كان يتم جمع أموال الزكاة بواسطة موظفين مختصين من جميع من تجب عليه الزكاة في أنحاء الدولة الإسلامية.
- عشور التجارة: فُرضت في عهد عمر بن الخطاب، وكانت تؤخذ من التجار الأجانب مرة واحدة في السنة.
النشاط التعليمي في الخلافة الراشدة
من أهم ما يتعلق في النشاط التعليمي بالخلافة الراشدة:
- كانت دار الأرقم بن أبي الأرقم في مكة هي مكان اجتماع المسلمين لتبادل العلم والمعرفة.
- المساجد في المدينة كانت بمثابة أماكن لتلقي العلم والمعارف.
- تمت إقامة مجموعة من مراكز التعليم في المدينة، والكتاتيب، وكثر وجود الكتاب والمؤدبين.
- دعمت الدولة المعلمين، وحددت لهم راتبًا مُقابل جهودهم.
- شمل التعليم النساء والرجال.
- تُعتبر المدينة أهم مراكز انتشار الحركة الفكرية في جميع الأمصار والمدن.
- استخدمت الحجارة، والعظام، وعسب النخيل، والقماش، وورق البردي في التعليم قبل انتشار الورق.
- شمل التعليم القرآن وعلومه، والأحاديث، والفقه، والتاريخ، وعلم الأنساب، والشعر، والقصص، والحكم والأمثال، والطب، وعلم التنجيم، واللغات الأجنبية.
فتوحات الخلفاء الراشدين
من أهم الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين:[٥]
- فتوح الشام: حيث تم فتح قنسرين، وحلب، وأنطاكية، واللاذقية، وقيسارية، وبيت المقدس، وبلاد الجزيرة.
- فتح المدائن: من خلال معركة كوثي ومعركة مظلم ساباط تم فتح المدائن وعبور نهر دجلة.
- فتوح المشرق: تم فتح العديد من بلاد المشرق مثل رامهرمز، وتستر، وجندي سابور، ومدينة كسكر، والري، وغيرها، وتم عقد هدنة مع الفرس.
- فتوح مصر: فُتح حصن باب اليون وعُقد الصلح، كما فُتحت الإسكندرية في عهد الخلفاء الراشدين.
- فتوح بلاد الروم: حيث فُتحت بلاد خراسان، وجرت معركة في طخارستان.
- فتوح المغرب: جرت عدة غزوات عظيمة مثل غزوة ذات الصواري، وتم فتح سبيطلية، وجزيرة قبرص.
إنجازات الخلفاء الراشدين
من أهم إنجازات الخلفاء الراشدين:
- أبو بكر: محاربة المرتدين، وغزو بلاد ما بين النهرين وسوريا والتغلب على الإمبراطورية البيزنطية والساسانية، وفتح فلسطين ودمشق.[٦]
- عمر بن الخطاب: عزز القوات الإسلامية في العراق بقوات جديدة، وهزم البيزنطيين والساسانيين في معركتي اليرموك والقادسية، ووضع الإمبراطوريتين تحت السيطرة الإسلامية، وحقق الكثير من النجاحات العسكرية والإدارية؛ مثل فرض الجزية، وإنشاء نظام قضائي، وإيواء الجيوش في مدن حامية لهم منفصلين عن عامة الناس.[٧]
- عثمان بن عفان: أصدر نسخة رسمية من القرآن الكريم، واستمر في الفتوحات الإسلامية، وأسس نظام الإقطاعيات.[٨]
- علي بن أبي طالب: قام بإعادة النظام لمختلف أجزاء وأمصار الدولة الإسلامية، وخاض معركة الجمل وانتصر بها، ونقل عاصمة الدولة الإسلامية للكوفة.[٩]
العلاقات الدولية في عهد الخلافة الراشدية
العلاقات الدولية في عهد الخلافة الراشدية كانت ضمن 3 خيارات، وهي:[١٠]
- الدخول في الإسلام: وهو الهدف الأول من علاقات دولة الخلافة الراشدة؛ أن يتبع الناس لدين الإسلام.
- دخول النظام الإسلامي: إذا رفضوا اتباع دين الإسلام عليهم اتباع النظام الإسلامي ودفع الجزية، وعقد معاهدات الصلح.
- المواجهة الحربية: وهو الخيار الأخير الذي يتم اللجوء إليه في حال تم رفض الخيارين السابقين، وهو المواجهة العسكرية مع الدول الأخرى.
المراجع
- ^ أ ب Syed Muhammad Khan (10/1/2020), "Rashidun Caliphate", world history, Retrieved 10/8/2021. Edited.
- ↑ تاريخ الدولة الأموية "ملخص كتاب تاريخ الدولة الأموية"، انجز كتاب، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
- ↑ سراج الرحمن الندوي القاضي، Alrashideen.pdf?__cf_chl_jschl_tk__=pmd_e7bf92e6eff5c3f476e6524011efc9fe7f009530-1628607578-0-gqNtZGzNAk2jcnBszQh6 الخلفاء الراشدون، صفحة 25-26. بتصرّف.
- ↑ أكرم ضياء العمري، عصر الخلافة الراشدة، صفحة 109-324. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله الحميدي، الخلفاء االراشدون، صفحة 446-451. بتصرّف.
- ↑ "Abu Bakr", the famous people, Retrieved 10/8/2021. Edited.
- ↑ Syed Muhammad Khan (23/1/2020), "Umar", world history , Retrieved 12/8/2021. Edited.
- ↑ Asma Afsaruddin (14/6/2021), "ʿUthmān ibn ʿAffān", britannica, Retrieved 10/8/2021. Edited.
- ↑ Syed Muhammad Khan (25/5/2020), "Ali ibn Abi Talib", world history, Retrieved 10/8/2021. Edited.
- ↑ مسلم اليوسف، دولة الخلافة الراشدة والعلاقات الدولية، صفحة 10-21. بتصرّف.