ما الفرق بين عصر النهضة وعصر التنوير؟

الفرق بين عصر النهضة وعصر التنوير

هناك عدة جوانب من الممكن تناولها في سياق الحديث عن الفروقات بين عصر النهضة، وعصر التنوير، منها:

المفهوم

بدايةً فالعصران لهما تعريفان مختلفان وهما كالتالي:^[١][٢]

• عصر النهضة: الفترة التي تزايد فيها الاهتمام والنشاط في مجالات الفن، والأدب، والأفكار في أوروبا بين القرنين الخامس عشر، والسادس عشر.
• عصر التنوير: حركة فكرية أوروبية حدثت في أواخر القرنين السابع عشر، والثامن عشر؛ تأثراً بفلاسفة القرن السابع عشر، وركزت على العقل، والفردية.

الفترة الزمنية

إن الفترة الزمنية التي ازدهر فيها العصران كانت متقاربة وهي كالتالي:^[٣][٤]

• عصر النهضة: كان أوج ازدهار عصر النهضة خلال القرنين الخامس عشر، والسادس عشر.
• عصر التنوير: تبعه في التوقيت مباشرة عصر التنوير، في أواخر القرنين السابع عشر، والثامن عشر.

المعتقدات

• عصر النهضة:

كانت هناك العديد من الأفكار، والمعتقدات السائدة في عصر النهضة، منها:^[٥]

• اعتقد مفكرو عصر النهضة أن العودة إلى النصوص القديمة التي كتبها الرومان، واليونان ستنتج التغيير المطلوب في المجتمع، وبالفعل انطلق الجميع نحو الرفوف القديمة التي تم هجرها، وقد كان أثر ترجمة هذه النصوص كبيراً، ومباشراً في إيطاليا، وأوروبا ككل، من المساحات الفنية إلى الأمور السياسية.
• ظهور مفهوم جديد وهو الرجل الموسوعي أو "رجل عصر النهضة"، وهو شخص كان ماهرًا في مجموعة متنوعة من المجالات معاً من الفن، والنحت، إلى الهندسة، والرياضيات، ويعد ليوناردو دافنشي مثالاً على ذلك.
• التركيز على الفردية، حيث استمتع الفنانون على وجه الخصوص بإحساس جديد بالحرية، والإبداع، وغالبًا ما كان لديهم رعاة أثرياء منحوهم التمويل الذي أدى لمنحهم سيطرة على عملهم، وأفكارهم.
• عصر التنوير:

هناك العديد من الأفكار والمعتقدات التي كانت شائعة في هذا العصر مثل:^[٦]

• تمت مناقشة فلسفة الدين بطرق، واتجاهات جديدة من قبل رينيه ديكارت في فرنسا، وجون لوك في إنجلترا.
• تبنّى ديكارت وجهة النظر القائلة بأن العقل هو المصدر الرئيسي للمعرفة البشرية، وعدم اعتبار الإله مركزاً للفكر الفلسفي.
• أما تجربة لوك فكانت أكثر تواضعًا؛ حيث تبنّى الرأي الذي يقول أن الخبرة هي المصدر الرئيسي للمعرفة البشرية؛ فأدى ذلك إلى اعتبار العقل أداة لتقييد.
• بلغ النقاش في الدين ذروته في أواخر القرن 18 في أعمال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، الذي جادل بأن الوقت، والمكان، والسببية، والجوهر، وغيرها من سمات الواقع؛ هي عناصر مفاهيمية فطرية يستخدمها العقل البشري لفرض النظام.

الفن والأدب

أما بالنسبة للفنون والآداب فقد تميز كل عصر بميزاته الخاصة كما يلي:^[٧][٨]

• عصر النهضة:
• ازدهرت العديد من الفنون في عصر النهضة مثل: الرسم، والنحت، والعمارة، والموسيقى، والأدب؛ كلها تم إنتاجها تحت التأثيرات المشتركة لزيادة الوعي بالطبيعة، وإحياء الكلاسيكية، والنظرة الفردية للإنسان.
• اهتم رسامو عصر النهضة الأوائل بإعادة الإنتاج التفصيلي للأشياء، ومعناها الرمزي أكثر من اهتمامهم بدراسة المنظور العلمي والتشريحي، حتى بعد أن أصبحت هذه الإنجازات معروفة على نطاق واسع، كما بدأ الرسامون الإيطاليون في اعتماد وسيلة الرسم الزيتي.
• برزت في عصر النهضة ثلاث شخصيات عظيمة: ليوناردو دافنشي، مايكل أنجلو، ورافاييل حيث يجسد كل واحد من الثلاثة، جانبًا مهمًا من تلك الفترة فقد كان ليوناردو رجل عصر النهضة العبقري المنفرد، وانطلق مايكل أنجلو من قوة الإبداع، والخيال، حيث تصور مشاريع ضخمة استلهمت من جسم الإنسان أداة نهائية للتعبير العاطفي؛ وابتكر رافائيل أعمالًا تعبر عن الروح الكلاسيكية المتناغمة، والهادئة.
• عصر التنوير:
• تأثرت أفكار التنوير حول الفن، والإبداع بالتبجيل المعاصر للعقل، والتجريبية، والكلاسيكيات.
• تم تصوير عمل الفنان على أنه محاكاة للطبيعة، وبقدر ما يتعلق الأمر بالفن الرفيع، يجب أن تكون عملية المحاكاة مستنيرة، ويرافقها فهم ذكي للعمليات المستخدمة لإنتاج الفن الكلاسيكي.
• كان يُنظر إلى القدماء وفنونهم؛ كنماذج في الاختيار لأجمل العناصر التي تمت ملاحظتها في الطبيعة، مما خلق أشكالًا من الطبيعة المثالية، التي ظهرت عبر عملية الفلترة، واختيار أفضل الأشياء، وتصفية العيوب المادية.

الشخصيات المؤثرة

هناك العديد من الشخصيات البارزة في كلا العصرين منها:^[٩][١٠]

• عصر النهضة:
• غاليليو غاليلي (1564 – 1642): أكثر العلماء تأثيرًا في عصر النهضة فقد مهد الطريق للثورة العلمية التي ازدهرت لاحقًا في شمال أوروبا، وكان من بين أول من استخدم التلسكوب لرصد السماء ويعتبر "أبو علم الفلك الرصدي"، كما قام باكتشافات مهمة في العلوم الأساسية البحتة.
• مايكل أنجيلو (1475-1564): كان نحاتًا، ورسامًا، ومعماريًا، وشاعرًا، ومهندسًا، وقبل كل شيء فنانًا، أصبح الشخصية الأكثر تأثيرًا في تاريخ الفن الغربي حيث تعد أعماله في الرسم، والنحت، والعمارة من بين أكثر الأعمال شهرة على الإطلاق.
• نيكولاس كوبرنيكوس (1473-1543): كان الإنجاز العلمي الأبرز لعصر النهضة، هو إنشاء نموذج مركزية الشمس للنظام الشمسي، الذي وضع الشمس بدلاً من الأرض في المركز، وهذا نتيجة عمل نيكولاس كوبرنيكوس، فعلى الرغم من طرح نماذج مماثلة من قبل بعض علماء الفلك في وقت سابق، إلا أن نظام كوبرنيكوس الشمسي كان أكثر تفصيلاً، وقدم صيغة أكثر دقة لحساب مواقع الكواكب.
• ليوناردو دافينشي (1452-1519): كان دافنشي رجل عصر النهضة المثالي، وأعظم عبقري عالمي، وكان رسامًا، وعالم رياضيات، ومهندسًا، وعالم نبات، ونحاتًا، وعالم تشريح، وهو من رسم لوحة الموناليزا أشهر لوحة في العالم.

• عصر التنوير:
• بنجامين فرانكلين (1706-1790): كان مفكرًا، وكاتبًا، ومخترعًا أمريكيًا غزير الإنتاج، وأبًا مؤسسًا استوحى أفكاره من المثل العليا لعصر التنوير الأوروبي، وساعد في نقل هذه الأفكار والمفاهيم إلى العالم الجديد، مما جعله يلعب دوراً هاماً في تشكيل الحكومة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية، وكتابة إعلان الاستقلال، والدستور الذي شكّل حجر الأساس للأمة الحديثة.
• جون لوك (1632-1704): كان لوك أحد أكثر الفلاسفة تأثيرًا في عصر التنوير، وركز بشكل خاص على كيفية تشكيل أنظمة الحكومات، حيث أثرت كتاباته على العديد من الفلاسفة مثل؛ فولتير، وروسو، وكانط، وتوماس باين؛ الذين ألهموا لاحقًا ثورات أواخر القرن الثامن عشر، لأن عمله استند أساسًا إلى نظرية الحقوق، والاعتقاد بأن الرجال أحرار، ومتساوون بطبيعتهم.
• رينيه ديكارت (1596–1650): اشتهر بمقولته "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، كان فيلسوفًا، وعالم رياضيات فرنسيًا أحدث ثورة في الفلسفة، والجبر، والهندسة، مثل العديد من الفلاسفة في عصر التنوير، لم يقبل تصديق أي شيء دون التحقق من سبب تصديقه، وادّعى أنه لا ينبغي أبدًا قبول أي شيء على أنه صحيح إذا كان هناك أدنى احتمال أنه لم يكن كذلك.

إنجازات عصر النهضة وعصر التنوير

إنجازات عصر النهضة

هناك العديد من الإنجازات التي تحققت في عصر النهضة، ومنها:^[١١]

• عززت النصوص اليونانية، والرومانية التي تمت ترجمتها نهجًا أكثر عقلانية، وعلمية للاهوت، والعالم الطبيعي والفنون، وبهذا فقد قدم التركيز على الفكر العقلاني، والعلم دَفْعَة للإنسانية نحو الأمام.
• سمح وجود المطبعة بانتشار التعلم الكلاسيكي، وأفكار عصر النهضة بسرعة في جميع أنحاء أوروبا.
• شجعت ثورة كوبرنيكوس البحث العلمي.
• ساعدت رعاية التجار للفنون في ازدهار فريد للرسم، والنحت، والعمارة في إيطاليا، وشمال أوروبا.
• تم إنجاز العديد من الأعمال الفنية الرائعة في عصر النهضة، مثل: اللوحات الجدارية على السقف في كنيسة سيستين في عهد البابا يوليوس الثاني، وليو العاشر.

إنجازات عصر التنوير

هناك العديد من الإنجازات التي تستحق الذكر في عصر التنوير أيضاً، منها:^[١٢]

• وضع الآباء المؤسسون دستور الولايات المتحدة بناءً على حقوق لوك الطبيعية، وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت إعلانات حقوق الإنسان قد قطعت الرحلة الكاملة من النظرية إلى الواقع، على الرغم من مرور قرن آخر قبل أن تصبح هذه المفاهيم أكثر انتشارًا، إلا أنها لم تكن لتحدث لولا الأفكار التنويرية.
• ظهور العلمانية، وتوقف قبول فكرة أن الدين دافع للحروب الخارجية، كما بدأ قبول حرية العبادة.
• بحلول نهاية القرن الثامن عشر، بدأت فكرة الفصل الرسمي بين الكنيسة، والدولة تبدو حتمية أكثر فأكثر.