الخلافة الراشدة (632-661) هي الفترة في التاريخ الإسلامي التي أعقبت وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مباشرة، حيث تم اختيار الخلفاء الراشدين من قبل أتباع النبي محمد -عليه السلام-، وكان الأربعة جميعًا خلفاء شرعيين، وفي ظل الخلفاء الأربعة (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) حصل توسع سريع للنظام السياسي الإسلامي في جميع أنحاء الشرق الأدنى، حيث طوروا هياكل عسكرية وقانونية واقتصادية مهمة، وطوروا جهازًا إمبراطوريًا ناشئًا ساعد في ضمان نجاح الدولة الإسلامية، وتعتبر الخلافة الراشدة عصرًا ذهبيًا سياسيًا دينيًا، وتميزت الخلافة الراشدة بفترة خمسة وعشرين عامًا من التوسع العسكري السريع، وخمس سنوات من الصراع الداخلي.^[١][٢]

مميزات الخلافة الراشدة

تميز عصر الخلفاء الراشدين بعدة أمور ومنها ما يلي:^[٣]

• كان يتم انتخاب الخليفة من قبل مجلس حكماء يسمى مجلس الشورى.
• حماية المواطنين غير المسلمين الذين يعيشون داخل حدود المسلمين مقابل الضرائب.
• كان الخلفاء مسؤولين عن اعتماد التقويم الإسلامي، الذي يرجع تاريخه إلى هجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة المنورة، وإنشاء قراءة موثوقة للقرآن مما عزز المجتمع المسلم وشجع البحث الديني.
• لقد حكموا أراضي الإسلام بصفتهم نوابًا للنبي محمد -عليه السلام-، ووضعت سياساتهم أسسًا لأسلوب الحكم للعديد من الحكام المستقبليين.
• حصلت مجموعة من ابتكارات مثل الحكومة المركزية، ومؤسسات الإدارة، ومشاريع الرفاهية العامة، وحماية حقوق المواطنين، والاستعداد العام لمساعدة الناس، مما جعلتها تحظى بشعبية كبيرة في التاريخ العربي.
• لتقواهم وتميّزهم الإداري، فإنهم يحظون بالتبجيل من قبل الغالبية العظمى من المسلمين، ولا يزال إرثهم قائماً حتى يومنا هذا.

مميزات الخلافة في عهد الخلفاء الراشدين

تختلف الإنجازات بين الخلفاء الراشدين من فترة خلافة لأخرى، حيث تميّز كل منهم بأمور مختلفة عن الآخرين، وفي ما يلي توضيح لأبرز هذه الإنجازات:^[٤][٥]

مميزات عصر خلافة أبو بكر الصديق

يعد أبو بكر الصديق هو أول خليفة بعد وفاة النبي محمد -عليه السلام-، وحكم من 632-634 م، وكان والد زوجة النبي محمد -عليه السلام-، وكان من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام، كان يُعرف باسم "الصديق" بسبب دعمه الصادق والواسع للنبي محمد، ومن أبرز مميزات عصره:

• أخمد التمرد من قبل القبائل العربية المختلفة بعد وفاة النبي محمد، وأقام الخلافة كقوة حاكمة في المنطقة.
• أول مجموعة مكتوبة من القرآن حدثت خلال خلافة أبي بكر.
• قمع الانتفاضات القبلية السياسية والدينية المعروفة باسم الردة، وبالتالي وضع وسط الجزيرة العربية تحت سيطرة المسلمين.
• بدأت الفتوحات الإسلامية للعراق وسوريا في ظل حكمه.
• اتّحدت شبه الجزيرة العربية بأكملها تحت راية الإسلام، ولهذا يُشار إلى أبو بكر باسم "المؤسس الثاني للإسلام".
• أوصى الجيوش الفاتحة بألّا يضروا بالنساء والأطفال وكبار السن، وأن يمتنعوا عن السلب وإتلاف المحاصيل والأشجار المثمرة والقطعان.

مميزات عصر خلافة عمر بن الخطاب

عُرف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالفاروق، وذلك لأنه كان يميز بين الحق والباطل، وحكم الخليفة عمر لمدة 10 سنوات من 634-644 م، وكان عمر أول من أطلق على نفسه لقب "أمير المؤمنين"، وشهد عهده تحول الدولة الإسلامية من إمارة عربية إلى قوة عالمية^[٦]، ومن أبرز مميزات عصره:

• توسعت الإمبراطورية الإسلامية بشكل كبير حيث تولى السيطرة على الشرق الأوسط بما في ذلك قهر الساسانيين في العراق، وأيضًا سيطر على العديد من المناطق المحيطة بما في ذلك مصر وسوريا وشمال أفريقيا.
• أنشأ التقويم الإسلامي ليستخدمه جميع المسلمين، وأنشأ الديوان وبدأ في بناء المرافق العامة.
• أنشأ إدارات الجيش والتعليم والسجون والضرائب والخزانة العامة والأنظمة المتعلقة بكيفية تفاعل حكام المناطق مع مواطنيهم، وتنظيم الجيوش وتعيين القضاة.
• انتشر تعليم القرآن أكثر في عهده.
• استخدم عمر سياسة التسامح الديني حتى يظل رعاياه الجدد موالين له، حيث أنه لم يجبر أحدًا على اعتناق الإسلام، وسمح لغير المسلمين بعبادة دينهم مقابل قبول الحكم الإسلامي وفرض ضريبة خاصة.
• خلال فترة حكمه، تم تطبيق العدالة في كل مكان، وأثبت أنّه نموذجًا في إقامة العدل لمن تبعوه.
• تحوّلت إمبراطوريته إلى ثاني أكبر إمبراطورية في العالم.

مميزات عصر خلافة عثمان بن عفان

عثمان بن عفان هو ثالث الخلفاء الراشدين، حيث كان الخليفة لمدة 12 عامًا من 644-656 م، وكان عثمان رفيقًا مقربًا للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصهره، وعرف عنه بأنّه عالم مسلم مخلص وعادل وشجاع وحكيم، واشتهر عثمان بامتلاكه نسخة رسمية من القرآن مأخوذة من نسخة وضعها أبو بكر في الأصل، وكان لعهد عثمان عواقب سياسية واقتصادية ودينية دائمة،^[٧] ومن أبر مميزات عصره:

• انتشار الإسلام إلى ليبيا وقبرص وأفغانستان وأرمينيا وأذربيجان.
• قمع العديد من الثورات، وأجبر العديد من المناطق على الاعتراف بسيادة الإسلام وتكريم الحكام المسلمين، وتم إنهاء الاختلافات القبلية والقومية.
• قام ببناء سد ضخم لحماية المدينة المنورة من الفيضانات، ولتنظيم تزويد المدينة بالمياه.
• قام ببناء العديد من الطرق والجسور والمساجد وبيوت الضيافة في أجزاء مختلفة من الإمبراطورية.
• قام بتوسيع المسجد النبوي بالمدينة المنورة وتزيينه.
• كان أول من أنشأ شرطة، وقام بإدارة القوات المسلحة والمحافظات والإيرادات والخزينة العامة.
• قدم إصلاحات اقتصادية من أبرزها العملات المعدنية الجديدة التي تضمنت إضافة اللغة العربية، مثل الدراهم الساسانية المنقوشة بكلمة بسم الله.
• قام بتنظيم البحرية، وتغيير التقسيمات الإدارية، وأكمل العديد من المشاريع العامة.
• أنشأ نصًا واحدًا محددًا للقرآن بلهجة واحدة، وكان هذا مهمًا جدًا في توحيد المسلمين في كل مكان، حيث تضمن لهم جميعًا نسخة واحدة من الكتاب للعبادة ومنع النزاعات والخلافات حول هذا الأمر.

مميزات عصر خلافة علي بن أبي طالب

علي بن أبي طالب هو رابع الخلفاء الراشدين، وهو ابن عم النبي محمد -عليه السلام- وصهره، حيث كان متزوجًا من فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد -عليه السلام- الصغرى، وحكم من 656-661 م، وبسبب شجاعته كان يلقب بأسد الله، وكان قد أظهر شجاعته في كل المعارك واكتسب الشهرة،^[٨][٩] ومن أبرز مميزات عصره:

• كان قد قرّر التمسّك بمبدأ بيت المال، واستعادة جميع المنشآت غير القانونيّة التي يزعم أن الأمويين وآخرين استحوذوا عليها في خلافة عثمان إلى الخزينة العامة.
• قام بتعديل وزاري، واستبدال وعزل بعض الوزراء، وقام بإبعاد الحكام الإقليميين الفاسدين للإمبراطورية الإسلامية، وطالب المسؤولين الحكوميين بالصدق والنزاهة.
• كان عليه التعامل مع الفساد والتمرّد من قبل حكّامه والمسؤولين والخيانة من قبل أتباعه.
• خاض عدّة حروب للدفاع عن مبادئه والحفاظ على وحدة الإمبراطورية الإسلاميّة.