الدولة الفاطمية: كل ما يهمك معرفته

الفاطميون من الإسماعيليين الذين يتبعون المذهب الشيعي في وقت كانت العقيدة المُنتشرة بين أفراد مصر هي المذهب السني، ولم يكن هناك اختلاف بين التابعين للعقيدة غير في المذاهب التي لا تختلف بشكل جذري عن بعضها،^[١] ويعتقد الفاطميون أن نسبهم يعود إلى فاطمة بنت النبي محمد - عليه الصلاة والسلام-، وهو ما جعلهم يطلقون اسم الفاطميين على أنفسهم.^[٢]

بداية الدولة الفاطمية

يُعتبر أبو عبد الله الشيعي مؤسس الدولة الفاطمية؛ وأصله يعود إلى الكوفة، وكان يدعى هناك بالمعلم؛ لأنه كان يعلم الناس المذهب الباطني، وقد عمل على نشر الدعوة الشيعية في بلاد المغرب، وبدأ دعوته سلميًا من خلال التنبؤ، والتبشير، والسحر، وقد استمرت هذه الفترة ثلاث سنوات، وعلى الرغم من جميع الصعاب التي واجهته ومحاولات قتله إلا أنه استمر في دعوته، وأقام قوة عسكرية وبدأ في مرحلة الحروب لنشر دعوته، وتمكن من إقامة الدولة الفاطمية في المغرب في العام 296 هجرياً (908/909م).^[٣]

الحياة السياسية في الدولة الفاطمية

من أبرز الممارسات والمظاهر المتعلقة في الحياة السياسية في الدولة الفاطمية:

الإمام (الخليفة)

كان نظام الحُكم في الدولة الفاطمية نظاماً مركزياً هرمياً يأتي على رأسه الإمام (الخليفة)، الذي كان يتم تعيينه عن طريق الانتخاب أو التعيين من الخليفة السابق، ومن مهام ومميزات الإمام: ^[٤]

• السائد كان انتقال الإمامة من الأب إلى الابن الأكبر.
• يُعتبر الإمام في الدولة الفاطمية معصومًا، وممُثلًا لله على الأرض.
• كان المُفسر الأول للشرع، ومصدر العلم.
• نال الفاطمي لقب الإمام وأمير المؤمنين بشكل رسمي وليس الخليفة؛ لإظهار صفتهم الروحية، وسلطتهم الدينية.
• كان يُعطي الأوامر للجيش بصورة مباشرة.
• من أبرز أئمة الدولة الفاطمية: الإمام المهدي، والمنصور بالله، والمعز لدين الله، والحاكم بأمر الله.

الوزراء (السلاطين والولاة)

انقسمت الوزارات في عصر الفاطميين إلى وزارة تنفيذ، ووزارة تفويض، ومن أبرز مظاهر الوزارة في العصر الفاطمي:^[٤]

• بداية العصر الفاطمي لم يكن هناك وزير بل كان يُسمى الوَسَاطة؛ لأنه يتوسط بين الإمام والرعية.
• أول وزير تم تعيينه في الدولة الفاطمية هو يعقوب بن كِلّس في العام 979م.
• تمتع الوزير بمسؤوليات إدارية فقط لا غير، وكانت سلطته محدودة.
• كان يتم تعيين الوزير من قبل الإمام، ويُشرف الإمام على أفعاله ويراجعها.
• في العام 1074م بدأ الوزير بتنفيذ مهام السلطنة؛ حيث أصبح من مهام الوزير قيادة الجيش، والإدارة المدنية، والقضائية، والدينية حتى أنّ جميع شؤون الدولة أصبحت تحت سلطتهم.
• لُقب الوزير بالملك، وأمير الجيوش، وسيف الإسلام، وناصر الإمام، وكافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين، والوزير الشخصي.
• من أبرز وزراء العصر الفاطمي الحسن بن علي اليازوري، ويانس الرومي، وبهرام الأرمني، وأسد الدين شيركوه.

الجيش

من أبرز سمات الجيش في العصر الفاطمي:^[٥]

• نشأ الجيش الفاطمي مع تأسيس الدولة الفاطمية في شمال إفريقيا، وتكون الجيش في تلك الفترة من الكتاميين، والصقالبة، والزويليين، والجنود العرب.
• تألف مُعظم الجيش الفاطمي في إفريقيا من الخيالة، وكانت إدارة الجيش تزودهم بالخيول، والجرايات، والرواتب.
• استخدم الجنود الرماح، والسيوف، والدرقة، والدروع في الحروب، وكانت تحفظ أسلحتهم في خزانة السلاح.
• الجيش الفاطمي في مصر تكون من الترك، والمعتربة، والمماليك، والسودانيين، والإخشيديين الذين تجاوز عددهم 400 ألف مقاتل.
• مُنِح الجيوش حارات خاصة بهم في أراضي مصر.
• قسم القلقشندي الجيش الفاطمي إلى الأمراء (المطوقين، وأرباب القضب، وأدوان الأمراء)، وخواص الخليفة (الأستاذين، وصبيان الخاص، وصبيان الحجر)، وطوائف الأجناد.
• حرص الخلفاء الفاطميون على الاحتفال بالجيش قبل خروجه للقتال، وتموينه في الخيام، والأسلحة، والأدوات.
• من أبرز المعارك والحروب التي خاضها الفاطميون ثورة أبي يزيد الخارجي، والحروب الصليبية، والحروب ضد البربر والتتار.

الحياة الاجتماعية في الدولة الفاطمية

كانت للحياة الاجتماعية في الدولة الفاطمية في مصر مظاهر خاصة، وأبرزها:^[٦]

• اتسمت الحياة الاجتماعية بالترف والبذخ بصورة خاصة عند الخلفاء والقصور التي أشادوها لهم؛ حيث كان عندهم الكثير من الأمتعة، والجواهر، والخيام، وتزينت بالتصاميم الفخمة والنوافير، والحدائق، والذهب، والحرير.
• اهتم الفاطميون بالاحتفال في المناسبات الدينية بأبهى الاحتفالات مثل عيد الفطر، وعيد الأضحى، ورأس السنة الهجرية، ومولد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومولد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأولاده.
• ساد الغناء، والموسيقى، واللعب بالخيال بين مختلف طبقات المجتمع.

أهم الجوانب في الدولة الفاطمية

أهم الجوانب في الدولة الفاطمية:

طبيعة الاقتصاد

اعتمد الاقتصاد في الدولة الفاطمية على الآتي:^[٧]

• الزراعة: اهتم الفاطميون بالزراعة باعتبارها أهم مصادر الثروة؛ لخصوبة تربة مصر، وتمت زراعة القمح، والكتان، وقصب السكر، وأشجار النخيل، وبعض أنواع الفاكهة، كما تم الاهتمام بغرس أشجار الغابات؛ لإنتاج الأخشاب.
• الصناعة: ازدهرت الصناعة بصورة كبيرة في العصر الفاطمي، واستخدمت عائداتها في تمويل الجيش، وسد حاجات الخلفاء ورجال الدولة، وتنوعت الصناعة بين النسيج، والزجاج، والخزف.
• التجارة: كثرت إقامة أصحاب الإقطاعات والأعيان؛ مما حفز النشاط التجاري في الدولة الفاطمية، بالإضافة لموقعها على النيل في الوسط بين اليابسة والبحر، وتيسير القوافل منها باستمرار نحو الحجاز، وبلاد الشام، والمغرب.

العلوم والمعارف

من أبرز أوجه ازدهار العلوم والمعارف في الدولة الفاطمية:^[٨]

• نهضة علم الترجمة، وإضافة العلوم الفلسفية إلى الدراسات الدينية.
• دراسة علوم الرياضيات، والطب، والفلك، والكيمياء، والمنطق التي وضعها علماء العصور الوسطى.
• تشجيع الخلفاء والولاة العلماء على الترجمة، والدراسة، وتقديم الدعم المادي لهم.
• وجد الكتّاب لتعليم القرآن والعلوم الدينية في المساجد.
• كانت الدراسة تتم في الجوامع، والمساجد، وفي مجالس وبيوت الأمراء، والوزراء، والقضاة، كما كانت تُقام حلقات تعليمية في الأماكن العامة والأسواق.

اللغة والديانة

من أبرز ما يتعلق باللغة والدين في الدولة الفاطمية:^[٩]

• بناء الجامع الأزهر لإقامة شعائر المذهب الشيعي به، واحترام المساجد السنية.
• تعهد الفاطميون بالحرية الدينية للمصريين، وسمحوا لهم بإقامة شعائرهم، وتركوا أهل الذمة على ما كانوا عليه.
• كان صيام رمضان وإفطاره يتم دون رؤية الهلال.
• أُمر المؤذنون بالأذان "حي على خير العمل"، وبإزالة التكبير بعد الصلاة، والجهر بالبسملة فيها.
• قطع الخطبة عن العباسيين من منابر مصر، وحذف اسمهم عن السكة، وتمت إزالة شعار العباسيين في عهد جوهر الصقلي.

الأدب والفنون

من أبرز أوجه الازدهار والتغيير في الأدب والفنون في الدولة الفاطمية:^[١٠][١١]

• انتشار الفنون الزخرفية التي جعلت القاهرة أهم مركز ثقافي إسلامي في العالم.
• انتشار الفنون الحرفية مثل الأشغال المعدنية، والصخور الكريستالية، والعاج، والنحت على الخشب.
• نمو فن العمارة وبصورة خاصة في بناء المساجد والجامعات.
• تشجيع الأدب، والأدباء، والشعراء، واستقدام بعضهم من الدول المجاورة.
• تشييد دار الحكمة في عهد الحاكم بأمر الله، وجمع الكثير من الكتب بها، بالإضافة لمجموعة كبيرة من دور الكتب، ودونت الكُتب في مختلف المجالات.
• انتشار الشُعراء، وكثرة المجالس الشعرية والأدبية.

أسباب انتهاء الدولة الفاطمية

من أسباب انتهاء الدولة الفاطمية:^[١٢]

• أصبح الأئمة من سلالات مصرية محلية دون أي نفوذ أو قوة.
• كثرة الفتن الداخلية بين الكتائب السودانية والتركية؛ مما سبب فوضى في البلاد.
• الهجمات البيزنطية، والحروب الصليبية المتكررة.
• الانهيار الاقتصادي والمجاعة التي اجتاحت البلاد لمدة تقارب 7 سنوات.
• تعيين المُستعلي (أصغر أبناء الإمام) إماماً للدولة الفاطمية بعد وفاة المستنصر بالله، مما خلق انقسامات كبيرة بين الفاطميين.
• ظهور صلاح الدين الأيوبي الذي تمكن من السيطرة على الدولة الفاطمية وإنهاء حُكم الفاطميين في العام 1171م.

حقائق أخرى عن الدولة الفاطمية

معلومات إضافية عن الدولة الفاطمية:^[١٣]

• يُعد الفاطميون من أكثر السلالات ثباتًا وقوةً في القرنين التاسع والعاشر.
• تم تأسيس أول دولة فاطمية في القيروان في العام 952م.
• امتدت الدولة الفاطمية في شمال إفريقيا، وساحل البحر الأحمر، واليمن، وفلسطين، وأجزاء من سوريا، ومصر.
• استمر من الفاطميين جماعة تدعى بـ "الحشاشين"، التي انتشرت في جميع أنحاء العالم الإسلامي.