هو هولاكو بن تولوي بن جنكيز خان شقيق منكوقا آن بن تولوي بن جنكيز خان الذي تولى عرش المغول بتاريخ ذي الحجة 648هـ الموافق لأبريل 1250م، بعد سلسلة من الصراعات على تولي السلطة بين أمراء البيت الحاكم، وعمل على إقرار الأمن، وإعادة الاستقرار، وإقامة الإصلاحات والنظم الإدارية، وبعد أن نجح في بثّ الاستقرار الداخلي في بلاده والتخلص من أعدائه ومنافسيه اتَّجه نحو الفتح والغزو وتوسيع رقعة بلاده، فجهز حملتين كبيرتين لهذا الغرض، حيث أرسل أخاه الأوسط "قوبيلاي" على رأس حملةٍ لفتح أقاليم الصين الجنوبية، وأخاه الأصغر على رأس حملةٍ لغزو إيران، والقضاء على الإسماعيليين، وإخضاع الخلافة العباسية وكان هذا هو هولاكو الأمير السفاح الذي ورث الدموية والعنف عن جده جنكيز خان.[١]


بداية عصر هولاكو خان

من أهم الأحداث:[٢]

  • كانت بداية ظهور هولاكو عام 649 هـ حين جعله شقيقه منكوقا آن على رأس الحملة التي جهزها للقضاء على الإسماعيلية وإدارة إقليم فارس، وهكذا أصبح هولاكو حفيد جنكيز خان المسؤول عن استكمال فتح بلاد فارس وبلاد العرب.
  • أرسل الخان الأعظم لأخيه هولاكو رسالةً يذكره فيها بالمبادئ الأساسية التي عليه الوفاء بها، والخطة التي يجب عليه اتباعها، وقد بدأ هولاكو العمل فعلاً بسرعة فائقة، ومع ذلك لم يهمل جانب الصبر والإتقان والتأني في كل ما يفعله، واستغرقت هذه التحضيرات منه خمس سنوات كاملة، عمل فيها على غزو البلاد علانيةً لكن العرب حينها كانوا في سبات عميق.
  • أصلح هولاكو الطرق المتجهة من الصين إلى العراق، وأقام الجسور على الأنهار التي سيمر منها جيشه وتحديداً على نهري سيحون وجيحون، كما جهز مجموعة ناقلات ضخمة لتنقل له معدات الحصار الكبيرة إلى بغداد، وسيطر على جميع المدن التي تتحكم في محاور الطريق.
  • كانت هناك الكثير من الجهود الدبلوماسية التي تشمل الاتصالات والتحالفات مع كل من يمكنه المساعدة في غزو البلاد من قبل الخان الأكبر للمغول وأخيه هولاكو، وكانت هذه التحالفات ذات أثر واضح يذكره ويسجله لنا التاريخ في إسقاط الخلافة الإسلامية.
  • إضافةً إلى ذلك شنّ التتار حرباً نفسية على المسلمين شملت العديد من الحملات الإرهابية الدموية على مناطق في محيط العراق، بهدف الترهيب وبث الرعب في النفوس، وشملت أيضاً الإشاعات التي روّج لها أتباع التتار داخل البلاد الإسلامية عن قوة التتار الهائلة واستعدادهم العظيم، كما أن الرسائل التهديدية التي كانوا يكتبونها إلى أمراء المسلمين، والذين كانوا بدورهم يعرضونها على رعاياهم كانت من أشهر طرق الحرب النفسية لدى التتار.


حملة هولاكو خان على إيران

اتجه هولاكو وجيوشه نحو بلاد فارس، وهناك قام بعدة أشياء مهدت طريقه نحو مركز الإمبراطورية العباسية:[٣]

  • بدأ هولاكو عبوره من أفق الشرق الأقصى حين عبر نهر جيحون، وهو يقود جيشاً كبيراً نحو بلاد فارس؛ للقضاء على الحشاشين وذلك عام 1256.
  • كان الخان الأكبر قد اتخذ قرار القضاء على الطائفة الإسماعيلية التي تحصنت بقلعة آلموت الواقعة في إيران؛ فأصبحت معقلاً لها وللذين لقبوا أيضاً بالحشاشين.
  • في خريف العام 1253 قاد "هولاكو خان" جيشه الكبير نحو بلاد فارس مجتازاً نهر جيحون، وكان الطريق مهيّئًا لتسهيل مهمته، وقد سار وفق خطة محكمة، خاصة بعد سقوط الدولة الخوارزمية وسيطرة المغول على أراضيها.
  • وفي نهاية العام 1256 تمكن هولاكو من القضاء على الحشاشين، وأبادهم في حرب وحشية وفتح أغلب قلاعهم المتحصنين بها، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الطريق ممهداً لهولاكو خان من أجل العبور نحو مركز الإمبراطورية العباسية في العراق.


سقوط الخلافة العباسية في عصر هولاكو خان

بعد ذلك أصبح هولاكو جاهزاً للهجوم على بغداد عاصمة الخلافة العباسية:[٤]

  • أرسل هولاكو إلى الخليفة المستعصم بالله آخر خلفاء العباسيين يتهدده ويتوعده، ويطلب منه أن يدخل في طاعته ويسلم العاصمة، ونصحه بأن يسرع في الاستجابة لمطالبه حتى يحفظ كرامة نفسه وأمن دولته وحياة رعيته، لكن الخليفة رفض هذا الوعيد وقرر أن يقاوم على الرغم من ضعف قواته والخلافات التي دبّت بين قادته ومعاونيه.
  • قرر هولاكو كردّة فعل على قرار الخليفة بالمقاومة أن يحاصر مدينة بغداد التي كانت بحال يرثى لها من الضعف، ولم تكن تملك ما تدافع به عن نفسها وتردّ به قدرها السيئ المحتوم، ودخل هولاكو والمغول بغداد سنة 656هـ التي توافق 1258م، وعندها ارتكب هولاكو وجنوده العديد من الفظائع والمجازر في بغداد وسكانها.
  • اهتز العالم الإسلامي بأكمله عند سقوط عاصمة الخلافة العباسية فقد كان حكم العباسيين عندها قد أتمّ أكثر من خمسة قرون في العالم الإسلامي، وحزن المسلمون حزناً شديداً على الحال الذي أصابهم؛ لأن هذا السقوط وكونهم للمرة الأولى بلا خليفة كان أمراً استثنائياً لم يحدث منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.


هجوم هولاكو على دمشق

توجه هولاكو نحو سوريا وكانت انتصاراته هناك على النحو التالي:[٥][٦]

  • بدأ هولاكو استعداداته للاستيلاء على مصر والشام بعد أن سقطت بغداد؛ فغادر أذربيجان عام 657 هـ الموافق 1259 م، ونجح بالتعاون مع حلفائه هناك بالاستيلاء على ميافارقين بديار حلب، وكانت أول مدينة بدأت بها حملته لكنها لم تسقط إلا بعد عامين من الحصار، بعدها واصل هولاكو التقدم باتجاه ماردين التي سقطت بعد ثمانية أشهر، وفي الوقت ذاته كانت قوات هولاكو تغزو مناطق أخرى وتقوم بإخضاعها منها نصيبين وحران والرها والبيرة.
  • بعد ذلك تقدم هولاكو على رأس قواته لمحاصرة حلب، ونصبوا عشرين منجنيقاً حول المدنية وقصفوها بمجموعة كبيرة من القذائف مما أجبرها على الاستسلام في التاسع من صفر عام 658هـ الموافق 31 من يناير عام 1260م، وبعد سقوط حلب سقطت قلعة حارم، وحمص، والمعرة، وعندها أصبح الطريق مفتوحاً لهولاكو وجنوده لاستكمال حملتهم نحو دمشق.
  • لما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق فرَّ الملك الناصر يوسف الأيوبي مع جنوده وقواته تاركاً دمشق وراءه تواجه مصيرها وحدها، عندها لم يملك أهالي دمشق خياراً آخر عدا تسليم مدينتهم بعدما عرفوا مصير حلب القاسي الذي واجهته بعد مقاومتها لهولاكو، حتى لا يلقوا المصير ذاته
  • هكذا سقطت دمشق دون الحاجة إلى ضربة واحدة حيث سارع أعيانها إلى زعيم المغول يقدمون الهدايا ويطلبون منه الأمان مقابل تسليم مدينتهم؛ فقبل بذلك ودخل المغول المدينة في السابع عشر من صفر عام 658هـ الموافق 2 من فبراير 1260م.


هزيمة المغول في عين جالوت

عندما استولى المغول على دمشق وحلب توجهت أنظارهم نحو القاهرة:[٧][٨]

سبب المعركة ومجرياتها

  • أرسل المغول مبعوثًا إلى القاهرة سنة 1260 للمطالبة باستسلام المظفر سيف الدين قطز، سلطان المماليك، وكان رده إعدام المبعوث عندها استعدت القوتان للمعركة، فمع جيشها بقيادة قطز سار المماليك شمالًا لهزيمة قوة منغولية صغيرة في غزة، ثم واجهوا جيشًا مغوليًا قوامه حوالي 20 ألفًا في عين جالوت (نبع جالوت).
  • كان الجيشان متطابقين تقريبًا من حيث العدد، لكن كان للمماليك ميزة كبيرة: أحد جنرالاتهم بيبرس الذي كان على دراية بالتضاريس؛ لأنه كان هاربًا في المنطقة في وقت سابق من حياته؛ فاستخدم أحد أكثر التكتيكات نجاحًا: أسلوب التراجع المزيف.
  • في عين جالوت أخفى المماليك الجزء الأكبر من جيشهم بين الأشجار في التلال، وأرسلوا قوة صغيرة إلى الأمام تحت قيادة بيبرس، وقبل البدء في التراجع الوهمي سقط كيد بوقا في الحيلة وأمر بالتقدم؛ فاندفع جيشه إلى الأمام ليتم نصب كمين لجيش المماليك الرئيسي في التلال، ثم هاجمه المماليك من جميع الجهات وأطلقوا سلاح الفرسان وكمية كبيرة السهام.


نتيجة المعركة

  • قاتل المغول بشراسة نموذجية، ونجحوا في قلب الجناح الأيسر لجيش المماليك وتحطيمه، ولكن تشير الروايات المعاصرة إلى أن السلطان المملوكي قطز ألقى خوذته وحث رجاله على القتال باسم الإسلام، وبعد هذا الخطاب الملهم بدأ المماليك في السيطرة.
  • وأخيرًا استدار المغول وبدأوا في التراجع متجهين إلى بيسان، وعلى بعد 13 كم طاردهم المماليك طوال الطريق، وفي بيسان عاد المغول للقتال مرة أخرى لكنهم هزموا هزيمة نكراء.


انتهاء عصر هولاكو خان

توفي هولاكو خان في 8 فبراير 1265م، ودُفن على صخرة كبيرة تقع على ارتفاع 1000 قدم فوق جزيرة شاهي في بحيرة أورميا، وحسب ما يقال؛ فقد ظهرت في جنازته طقوس التضحية البشرية والتي تضمنت دفن العديد من الشابات معه لخدمته في الحياة الآخرة، وصعد ابنه أباقة إلى العرش بعد وفاته.[٩]

المراجع

  1. أحمد تمام (22/3/2017)، "هولاكو .. إعصار من الشرق"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  2. محمد الصاوي، هولاكو الأمير السفاح، صفحة 153 165. بتصرّف.
  3. بلال المازني (2/3/2021)، "هولاكو.. وحش الشرق الذي أسقط عاصمة الخلافة العباسية"، الجزيرة الوثائقية، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  4. أحمد تمام (25/4/2021)، "هولاكو.. إعصار من الشرق (في ذكرى وفاته: 19 ربيع الأول 663هـ)"، إسلام أونلاين، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  5. "Hulagu Khan", yourdictionary, Retrieved 10/6/2021. Edited.
  6. أحمد تمام (25/4/2021)، "هولاكو.. إعصار من الشرق (في ذكرى وفاته: 19 ربيع الأول 663هـ)"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  7. Charles Phillips, "Battle of ʿAyn Jālūt", britannica, Retrieved 10/6/2021. Edited.
  8. Prof. Dr. Nazeer Ahmed, "The Battle of Ayn Jalut", historyofislam, Retrieved 10/6/2021. Edited.
  9. "Hulagu Khan Biography", thefamouspeople, Retrieved 10/6/2021. Edited.