تأسست الدولة الإخشيدية من سنة 934م إلى سنة 968م، حيث أسسها أبو بكر محمد بن طغج الإخشيد أمير مصر في تلك الفترة؛ وهو اللقب الذي منحه إياه الخليفة العباسي الراضي بالله؛ حيث حكمت أسرة الإخشيد مصر قرابة ال 34 سنة، ولقب الإخشيد يعني "ملك الملوك"، حيث كان لقب ملوك إقليم فرغانة بحسب لغتهم كما يلقب الفُرْس ملكهم كسرى، والروم قيصر، والترك خاقان، واليمن تبع، والحبشة النجاشي وما إلى ذلك، فقد جاءت الدولة الإخشيدية من سلالة أبي بكر الإخشيد.[١][٢]


مصر في عصر الإخشيديين

عصر الإخشيديين عصر بالغ الأهمية في تاريخ دولة مصر، حيث أنه العصر الذي وضعت فيه ركيزة الأساس لاستقلال مصر عن الخلافة العباسية، ومهد للفتح الفاطمي في وادي النيل، جاعلة من مصر قطب الرحى في تاريخ الشرق الإسلامي، لما ضم ذلك العصر من أمور متعلقة بأحوال المجتمع المصري في عصر الإخشيديين، إضافة إلى طباقاته وعلمائه وآدابه وفقهائه، وأحواله الاقتصادية، وعلاقاته الخارجية بالدولة العباسية وبالحمدانيين في الشام، وبالبيزنطيين، والفاطميين في المغرب، والنوبيين في الجنوب.[٣]


زوال الدولة الطولونية

سقطت الدولة الطولونية على يد القائد العباسي محمد بن سليمان الكاتب فاتحاً لمصر؛ وبهذا عادت مصر ولاية تابعة للخلافة العباسية سنة 905 م، واتخذ من مدينة الفسطاط مقراً له حيث دخلها ودعا على المنابر للخليفة المكتفي بالله، وكتب له ليبشره بفتح مصر، وكان يمارس بحق الطولونيين أشد أنواع العنف من إحراق للبضائع، والنهب وغيرها، حيث أنه قضى على حكم بني طولون، وأعاد الدولة إلى سلطة الدولة العباسية، ثم خرج من مصر متوجهاً إلى دمشق ثم حلب حاملاً معه ما تبقى من أتباع بني طولون.[٤]


خلفاء الإخشيد وعلاقة مصر بالخلافة في عهدهم

توفي محمد بن طغج الإخشيد سنة 946م في دمشق، ثم استلم الحكم من بعده ابنه أبو القاسم أنوجور الذي كان لم يتجاوز 15 من عمره بعد، علماً بأن عمه الحسن بن طغج كان يطمع بتولي الحكم مكانه، إلا أن الماذرائي فضل تولية أنوجور للحكم لتوسعة سلطانهم، كان كافور هو الحاكم الحقيقي للبلاد في عهد أنوجور، وبعد أن توفي أنوجور سنة 960م تم تسليم الولاية لأخيه علي بن الإخشيد على مصر والشام والحرمين، ثم استلم الحكم أحمد بن علي الإخشيد، ثم من بعده للحسن بن أبي عبيد الله بن طغج.[٥]


طبقات المجتمع في عصرهم

قسم المجتمع المصري في عصر الإخشيديين إلى:[٦]

  • الأشراف: هم ذرية أهل بيت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا يأخذون راتباً من الحكومة، إضافة إلى أن لهم قضاء مستقلاً، ونقباء في المدن الإسلامية الكبرى ونقيباً في دار الخلافة، وكان للأشراف مكانة مرموقة ويحظون بالتكريم والاحترام من الشعب والحكومة في العصر الإخشيدي.
  • علية القوم: هم طائفة من علية القوم أنهضهم اليسار، وكان منهم التجار والموظفون والملاك، وكانت أسرة الماذرائيين على رأسهم، وكان الإخشيديون يصادرون كثيراً من أموالهم، ولكن سرعان ما يعود نفوذهم، ومن علية القوم في العصر الإخشيدي: أبو الحسن محمد بن عبد القاهر، وابن أريخا، وابن برك التاجر، وأبو العباس بن إسحاق الجوهري.
  • سواد الشعب: كانت نسبتهم كبيرة بين سكان البلاد.
  • أهل الذمة: كان المسيحيون متواجدين بكثرة في مصر في عهد الإخشيديين، غالبيتهم من القبط وبعضهم من اليهود، وكانوا يدفعون الجزية، ولهم محاكمهم الخاصة بهم، وكانت العلاقات بين أهل ذمة وبين المسلمين في العصر الإخشيدي طيبة في المجمل العام.
  • الرقيق: كانت مصر في حينها سوقاً من أعظم الأسواق للرقيق حيث كان يصلها الرقيق السود والبيض من الجنوب، وأرمينية، والبحر الأبيض المتوسط، ومن أسواق الرقيق في سائر بلاد الإسلام.


حكام الدولة الإخشيدية

تعاقب على الدولة الإخشيدية عدة حكام، فيما يلي ذكر لهم:[٧]

الرقم
اسم الحاكم
مدة حكمه من سنة ميلادية
مدة حكمه إلى سنة ميلادية
1
أبو بكر محمد بن طغج الإخشيد
934م
946م
2
أبو القاسم أنوجور بن محمد بن طغج
946م
960م
3
أبو الحسن علي بن محمد بن طغج
960م
966م
4
أبو المسك كافور
966م
968م
5
أبو الفوارس أحمد بن علي
968م
969م


موقف الخلافة العباسية من الدولة الإخشيدية

إن موقف الخلافة العباسية من الإخشيديين ما هو إلا توطيد العلاقة معهم؛ بوصف الدولة الإخشيدية دولة مستقرة، إن مواقف الإخشيديين لم تتغير تجاه الخلافة العباسية في بغداد، منها المشاركة ضد هجمات الدولة الفاطمية المنبثقة من المغرب العربي، وقد استعان الإخشيديون بالخلافة العباسية من أجل توحيد القوى لمجابهة المطامع بمصر والشام، من أجل الولاء والثقة للخلافة العباسية، وفي حال تم انفصال الولاية عن مركز الخلافة فهذا لا يعني الخروج من سلطته الروحية إنما الاستقرار في الموقف السياسي، وقد جعل الخلفاء العباسيون الذين عاصروا الإخشيديين التعاون راسخاً بينهم وركناً أساسياً من سياسة دولتهم.[٨]


جوانب أخرى مهمة في العصر الإخشيدي

نقود الدولة الإخشيدية

في سنة 331 هجرياً قام الإخشيد بضرب دنانير يوجد على ظهرها لفظ الجلالة (الله) في الوسط ونقطتان على جنبي الكلمة، ثم قام الإخشيد مع خلفائه بضرب نقود تحمل أسماءهم وبجانبها اسم الخليفة العباسي ما عدا كافور، ثم بعد ذلك قام كافور بضرب نقوده ومنها النقود الذهبية، وكانت تحمل اسمه واسم الخليفة العباسي، فيما يلي ذكر لأسماء الدنانير:[٩]

  • دينار إخشيدي ضرب مصر، المتقي لله.
  • درهم إخشيدي ضرب مكة، المستكفي.
  • دينار لأبي القاسم أنوجور ضرب مصر، المطيع.
  • درهم تذكاري باسم أبي القاسم أنوجور.
  • دينار لأبي الحسن علي ضرب فلسطين، المطيع.
  • دينار علي بن الإخشيد ضرب فلسطين، المطيع.
  • دينار لأبي الحسن علي ضرب فلسطين، المطيع.
  • فلس لأبي الحسن علي بن الإخشيد والأستاذ كافور أبي محمد.
  • دينار أحمد بن علي ضرب فلسطين، الحسين بن عبدالله.
  • درهم أحمد بن علي ضرب فلسطين، الحسين بن عبدالله.


الآثار والفنون في الدولة الإخشيدية

ازدهر العصر الإخشيدي في الفنون والآثار، حيث قام الإخشيديون بإنتاج التحف وتشييد العمائر أشهرها: مشهد آل طبابا، ومحراب قديم غربي، حيث بلغت الفنون الإسلامية أوج عظمتها في مصر في ذلك الوقت، إضافة إلى ازدهارهم بالمنسوجات حيث كانت الحكومة تراقب صناعة النسيج مراقبة دقيقة، وتقوم بختم الأقمشة بختم رسمي خاص بهم، إضافة إلى صناعة الخزف حيث اشتهروا بصناعة الخزف ذي البريق المعدني، وقاموا أيضاً بالحفر على الخشب بشكل حلزوني، وصمموا شواهد القبور.[١٠]


سقوط الدولة الإخشيدية

بعد وفاة الإخشيد أبو بكر محمد بن طغج، استلم قائده "الأسود كافور" (946-968 م) زمام السلطة، حيث تولى أبو المسك كافور إدارة الحكم في ذلك الوقت، ثم أصبح والياً سنة 966 م على مصر من قبل العباسيين، وقد قام الفاطميون بالقضاء على أسرة بني طغج، وفي سنة 969 م تمت تصفية آخر أمراء الإخشيديين المدعو بأبي الفوارس أحمد بن علي الإخشيد الذي كان من أحفاد الإخشيد في مدينة الفسطاط المصرية، معلناً بذلك سقوط الدولة الإخشيدية على يد الفاطميين.[١١]

المراجع

  1. سيدة اسماعيل كاشف، مصر في عصر الإخشيديين، صفحة 55-56. بتصرّف.
  2. "الدولة الإخشيدية"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 30-7. بتصرّف.
  3. سيدة كاشف اسماعيل، مصر في عصر الاخشيديين، صفحة 1-14. بتصرّف.
  4. سيدة اسماعيل كاشف ، مصر في عصر الإخشيديين، صفحة 17-19. بتصرّف.
  5. سيدة اسماعيل كاشف، مصر في عصر الاخشيديين، صفحة 93-102. بتصرّف.
  6. سيدة اسماعيل كاشف، مصر في عصر الاخشيديين، صفحة 233-244. بتصرّف.
  7. محمد يونس، الدولة الإخشيدية.pdf نقوذ الدولة الاخشيدية، صفحة 6. بتصرّف.
  8. "مواقف الخلافة العباسية من الاخشيديين"، بوابة الأبحاث، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.
  9. محمد يونس، الدولة الإخشيدية.pdf نقود الدولة الاخشيدية، صفحة 7-20. بتصرّف.
  10. سيدة اسماعيل عاكف، مصر في عصر الاخشيديين، صفحة 285-299. بتصرّف.
  11. "الاثار الاسلامية"، مكتبة الاسكندرية، اطّلع عليه بتاريخ 31/7. بتصرّف.