تعرف على مميزات عصر الجاهلية

يُمكن أن يتبادر إلى الأذهان عند سماع كلمة العصر الجاهلي بأن كلمة الجاهلية تعني الجهل الذي هو ضدّ العِلم، ولكن مَن يتعمّق بكلمة جاهلية سيلاحظ أنها مُشتقة من الجهل؛ أي السّفه والغضب والنّزق، وبالتالي فكلمة جاهلية تقابل كلمة الإسلام التي تدلّ على الطاعة لله جلّ جلاله والخضوع له، وكل ما يتبعها من سلوكيات وأخلاقٍ كريمة، وقد أطلقت على العصر القريب من الإسلام، أو العصر الذي يسبق الإسلام مباشرة بكل ما كان فيه من أخلاق قائمة على الحمية، والثأر، والوثنية.^[١]

مميزات عصر الجاهلية في الجانب الاجتماعي

اتفق أغلب المؤرخين على تقسيم العرب من حيث القِدم إلى ثلاثة أقسام بالرغم من خلافهم على تسميتهم وهم: العرب البائدة، والعرب المُستعمرة، والعرب العاربة،^[٢] ومن أهم ما يميز نمط عيش العرب في عصر الجاهلية الآتي:^[٣][٤]

• سكنوا الخيام.
• ركبوا الخيل.
• رعوا الإبل واستفادوا من وبرها وشعرها في تدفئتهم وصناعة أثاث حياتهم اليومية.
• اعتمدوا على الصيد.
• كان الناس ينقسمون إلى طبقات، ولم يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات.
• كانوا متمسكين بالعادات والتقاليد والأعراف.

مميزات عصر الجاهلية في الجانب الثقافي

تتمثل مظاهر الثقافة والأدب في العصر الجاهلي بالنقاط الآتية:^[٥]

• اللغة: كانت تعد اللغة من أهم مظاهر الحضارة الثقافية في العصر الجاهلي، فهي تصور المجتمع الجاهلي من خلال مفرداتها وتراكيبها، حيث اشتهرت لغة الجاهلية بفنون البلاغة المختلفة، وصرفها، واشتقاقاتها، بالإضافة إلى العروض، وبالتالي فإن ذلك يدلّ على ما بلغه العصر الجاهلي من نضجٍ فكري، ورقيّ عقليّ.
• العرافة والكهانة: وهي من أشهر الثقافات التي كانت منتشرة بين العرب الجاهليين، والتي كانت تعتمد على معرفتهم بأسرار المستقبل، حيث كانوا يعتقدون أن لكل كاهن صاحباً من الجن يحضر إليه ويُخبره بكل ما يريد معرفته، وتجدر الإشارة إلى أن الكهّان يتميزون بلغة خاصة تتميز بالسجع والذي كان يُسمى بسجع الكهّان.
• القيافة: وهي عبارة عن قسمين، قيافة الأثر وقيافة البشر، أما قيافة الأثر فهو العلم الذي يهتم بتتبّع آثار الناس واقتفاء أثرهم، إلا أن قيافة البشر هو الذي يهتم بمعرفة نسب الإنسان من خلال معالم وجه الأشخاص وشكل أعضائهم، وكان من أشهر الأقوام الذين عُرفوا بقيافة البشر هم بنو مُدلِج.
• العيافة: وهي زجر الطير، ويكون من خلال رمي حصى على الطير، أو أن يصيح الرجل به، فإن طار الطير لجهة اليمين تفاءل به أي تيمّن، وإن والاه مياسرة تشاءم به.

مميزات عصر الجاهلية في الجانب الاقتصادي

من أهم ما يميز العصر الجاهلي في الجانب الاقتصادي ما يلي:^[٦]

• كان الاعتماد الأول في الحياة الاقتصادية في العصر الجاهلي على كل ما تنتجه الماشية والإبل.
• كانت الزراعة والتجارة تلعب دورًا هامًا في تطور الحياة الاقتصادية آنذاك، وخاصة الرحلات التي كانوا يقومون بها في فصلي الصيف والشتاء من وإلى اليمن، بالإضافة إلى رحلاتهم إلى الهند.
• نذكر من أهم الأسواق التي كانت مشهورة عند العرب في الجاهلية: سوق عكاظ، وذي المجاز، وسوق ذي المجنّة، وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأسواق لم تكن فقط للتجارة، بل كانت الأسواق تُستخدم أيضًا للتحكيم في الخصومات، والتشاور في الكثير من المهمات المختلفة، كما كانت تستعمل للأسرى، ولإقامة التحديات الشعرية، ومن أشهر المُحكّمين العرب في العصر الجاهلي كان الشاعر النابغة الذبياني والخنساء.

مميزات عصر الجاهلية في الجانب السياسي

تعتبر القبيلة هي الوحدة السياسية والتي تقوم مقام الدولة في العصر الجاهلي، وكانت العصبية القبلية هي أهم ما يميز النظام السياسي آنذاك، ويمكن تعريف القبلية بأنها التعصب لنصرة ذوي القربى والأرحام، ويمكن تلخيص أهم ما يميز النظام السياسي في العصر الجاهلي بالنقاط الآتية:^[٦][٤]

• كان يتزعم القبيلة رئيس في الحرب والسلم، ويجب أن يتصف بصفات منها: الخبرة، سداد الرأي، الكرم، الثروة.
• كان لكل قبيلة شيخ، ولكل شيخ مجلس يشير عليه ويعاونه.
• كان يتم اختيار أعضاء المجلس من البطون والعشائر.
• كان لشيخ القبيلة ما لأفرادها، وعليه ما عليهم، وكان يستثنى بخمسة حقوق متعلقة بالحرب، مثل إعلان الحرب والتخطيط لها، وربع الغنائم، وغيرها.

مميزات عصر الجاهلية في الجانب الأخلاقي

كان العرب في العصر الجاهلي يتميزون بأخلاق كريمة عظيمة وأخرى سلبية، أما بالنسبة للأخلاق الكريمة فقد تمثلت في: الجرأة، والوفاء بالعهود والذمم، والشجاعة، والصدق، والعفاف، والوفاء، واحترام الجار، والكرم، أما الصفات السلبية فكانت تتمثل في السّلب، ولعب القمار، والغزو، والعصبية القبلية، والثأر، والنهب، وفيما يلي سنتعرف على أهم تلك الصفات:^[٧]

• الكرم: تعتبر هذه الصفة من أعظم الصفات التي تميزها بها العرب في العصر الجاهلي، حيث تعتبر من الصفات المقدسة في حياة العربي، وبحكم معيشتهم في الصحراء التي يسودها القحط والجذب في معظم أيام السنة، فقد عرّضهم ذلك إلى نقص وفقدان الغذاء، وبالتالي نشأ شعور التضامن الاجتماعي فيما بينهم، إذ كانوا يساعدون المحتاج، ويطعمون الجائع ويُغيثون الملهوف، لذلك فإن المال بالنسبة إليهم وسيلة لا غاية.
• الوفاء بالعهود والذمم: تعد من أهم القِيم التي تربى عليها العربي بحكم معيشتهم في الجزيرة العربية التي تميزت بصلابتها وقسوتها، لذلك فقد كان العرب يكرهون الغدر والخيانة.
• الشجاعة: لعبت الطبيعة الجغرافية للصحراء دوراً هامًا في ظهور سمة الشجاعة، فهي صحراء مجهولة لا يستطيع أحد الخوض فيها إلا مَن كان يتسم بالشجاعة والبطولة، فيسير بأرضها الموحشة دون خوف وتردد.
• الثأر: من أهم الصفات السلبية التي تميز بها العصر الجاهلي، فقد كان السائد لديهم أن تعويض المقتول بالمال مذلّة لا يرضى بها إلا ضِعاف النفوس، بل قد بلغ بهم الأمر أن مَن كان لديه ثأر كان يعتزل النساء والتطيّب؛ فقد كان يعد ضرباً من البهجة والتنعم لا يناسب الحزين لأنه يمكن أن يشغله عن الثأر الذي جُبلوا عليه.
• لعب القمار والميسر: كان القمار والميسر من أهم وسائل المتعة والمقدرة والكرم آنذاك، حيث أنها كانت وسيلة لنفع الفقراء والمحتاجين وبالتالي فهي تحقق فائدة اجتماعية، إلا أن عند مجيء الإسلام قد حرم القمار والميسر، وجاء ببدائل أخرى لمساعدة الفقراء.

مميزات أخرى لعصر الجاهلية

تميز العرب في العصر الجاهلية بحدّة ذكائهم وبصيرتهم، لذلك فقد برعوا في الكثير من العلوم المختلة نذكر منها الآتي:^[٨]

• الطب: تداوى العرب في العصر الجاهلي بالكيّ والأعشاب، وآمنوا بالشعوذة في مجال الطب والتشافي من الأمراض، إذ كانوا يؤمنون بالأرواح الشريرة التي تصيب جسد المريض فتقتله، وكانوا يتداوون منها من خلال التمائم والرقى، وعلى الرغم من ذلك فقد برز الكثير من الأطباء في عصرهم من أهمهم: الحارث بن كلدة.
• علم النجوم والرياح: يطلق عليه في الوقت الحالي علم الفلك، حيث كان الهدف من هذا العلم معرفة موعد سقوط المطر؛ خوفًا من الجدب والجفاف، لذلك كان لديهم معرفة بالنجوم وما يجري في السماء من كواكب.