دليلك الشامل للحضارة الفينيقية

تعتبر الحضارة الفينيقية من الحضارات القديمة، والتي كانت تتكون من مجموعة من الدول المستقلة الممتدة على البحر الأبيض المتوسط، ومن هذه الدول سوريا، ولبنان، وشمال فلسطين، وقد أطلق الفينيقيون على أنفسهم اسم (الكنعانيون)، ويعني هذا المصطلح التجار، حيث اشتهر سكان الحضارة بالتجارة بشكل كبير، وبارز، كما قام اليونانيون بتسمية الفينيقيين بهذا الاسم، ويرتبط مصطلح (الفينيقيون) باللون الأرجواني، حيث تمت تسميتهم بهذا الاسم بسبب كثرة استخدامهم للصبغ الأرجواني الذي كان يترك آثارًا على أجسادهم.^[١][٢]

نشأة الحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي أهم المعلومات المتعلقة بنشأة الحضارة الفينيقية:^[٣]

أين نشأت؟

• بدأت الحضارة في عام 1200 قبل الميلاد عن طريق مجموعة صغيرة من التجار الفينيقيين الذين قرروا توسيع شبكتهم التجارية من الشرق للوصول إلى مدن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
• امتد نشاط الفينيقيين التجاري، والاستعماري في العديد من الدول المستقلة مثل لبنان، وجنوب سوريا، وشمال فلسطين.
• بدأ نشاطهم يمتد إلى الغرب، حيث بدأ الفينيقيون بتأسيس المستعمرات في قبرص، وصقلية، وسردينيا، وغيرهم من المدن الغربية.
• امتدت حضارتهم حتى وصلت إلى شمال أفريقيا، والبرتغال، وإسبانيا، وقرطاج.

مراحل نشأتها

• المرحلة الأولى
• كان التجار الفينيقيون يمارسون نشاطهم التجاري في دول الساحل الشرقي فقط؛ وكان ذلك بسبب سيطرة المينويين على بحر إيجة، وكانوا يمنعون دخول الأشخاص لممارسة أي أنشطة، وتحديدًا الأنشطة التجارية في المنطقة؛ حيث كانوا يهدفون إلى احتكار التجارة في المنطقة.
• كان التجار الفينيقيون يمارسون التجارة في سوريا، ولبنان، وشمال فلسطين، ومصر، وتركيا؛ بسبب منعهم من دخول العديد من المناطق.
• المرحلة الثانية
• استولى الميسينيون على المينويين مما أدى إلى سقوط المينويين، وإنهاء سيطرتهم على بحر إيجة.
• تم إلغاء القيود التي كانت موضوعة على البحر الأبيض المتوسط، وبحر إيجة، مما ساعد الفينيقيين على استغلال الموقف، وتوسيع تجارتهم، وامتدادهم قدر المستطاع.
• ساعد الموقع الاستراتيجي للدول الفينيقية على سهولة السيطرة على المنطقة، حيث تقع الدول بجوار كافة دول الشرق، والغرب.
• المرحلة الثالثة
• بدأ الفينيقيون بممارسة نشاطهم بعد أن بدأ الصوريون استعمار العديد من الدول.
• استمر امتداد الفينيقيين، واستعمارهم للعديد من الدول مثل قرطاج، ومالطا، وسردينيا، وإسبانيا، حتى انتشرت الحضارة الفينيقية في مختلف دول العالم من الشرق إلى الغرب.

أهم الجوانب الاقتصادية للحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي أهم المعلومات عن الجانب الاقتصادي للحضارة الفينيقية:^[٤]

الجانب التجاري

من أهم المعلومات:^[٥]

• اشتهر الفينيقيون بنشاطهم التجاري الواسع، والممتد حول العالم، حيث كانت التجارة المصدر الرئيسي لتمويل الدول بالنسبة لهم.
• كان الفينيقيون يوردون القوافل التجارية إلى مختلف أنحاء العالم، وساعدهم موقعهم الجغرافي المميز على سهولة الوصول إلى كافة دول العالم.
• استخدم الفينيقيون كل من الطرق البحرية، والطرق البرية في استيراد، وتصدير البضائع المختلفة.
• قام الفينيقيون بتصدير العديد من البضائع مثل الخشب، والقمح، والزيت، والزجاج، والأقمشة، وغيرها العديد من البضائع التي كان الفينيقيون المصدر الأساسي لها إلى الدول الأخرى.
• كان الفينيقيون يستخدمون نظام المقايضة في التجارة، وتحديدًا المقايضة على القصدير، والذي كان مادة خام أساسية في صناعة العديد من المنتجات التي يتم تصديرها، وصناعتها من قبلهم، واستمرت المقايضة إلى أن تم اختراع النقود، والعملات.
• قام الفينيقيون بتأسيس العديد من المراكز التجارية في مختلف المناطق.

الجانب الزراعي

من أهم المعلومات:^[٦]

• استغل الفينيقيون الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، وقاموا بزراعتها، والاهتمام بها حتى تصبح خصبة، ومنتجة.
• كانوا يستخدمون الآلات الزراعية التقليدية، مثل المنجل التقليدي، والحيوانات في عملية الزراعة.
• قاموا باستصلاح الأراضي النائية، حتى تصبح خصبة، ويستفيدوا منها في النشاط الزراعي.
• عملوا على زراعة أنواع متعددة من المحاصيل الزراعية، وأهمها القمح، والزيتون، والشعير، والعنب، والجوز، وأنواع أخرى متعددة من البقوليات.
• اشتهر الفينيقيون بزراعة شجر الأرز، الذي كانوا يستخرجون منه الخشب، ويصدرونه إلى العديد من دول العالم.

الجانب الصناعي

من أهم المعلومات:^[٧]

• اشتهر الفينيقيون بصناعة الأرجوان الذي كانوا يستخرجونه من الأصداف البحرية، وقاموا بتصديره إلى مختلف دول العالم.
• اشتهر الفينيقيون بصناعة الصباغ الأحمر، والذي كانوا يصنعونه من المحار، كما قاموا بتصديره إلى مختلف دول العالم.
• كان الفينيقيون من أوائل الأشخاص الذين اشتهروا بصناعة المعادن، ومن أهم هذه المعادن البرونز، والفولاذ.
• استخدم الفينيقيون المعادن في صناعة العديد من المنتجات مثل الأسلحة، وغيرها.
• تميز الفينيقيون بصناعة الأدوات من الفضة، والذهب، كما قاموا بصناعة الصحون من المعادن.
• اشتهر الفينيقيون بصناعة النسيج، حيث كانوا يستخدمون الصوف، وغيره من المواد الأولية من أجل صناعة الأنسجة، والأقمشة.
• اهتم الفينيقيون بصناعة السفن؛ حيث كانت السفن وسيلة أساسية لهم من أجل ممارسة نشاطهم التجاري بين الدول.
• برع الفينيقيون في صناعة العاج، والفخار، وغيرها من الصناعات التي نسبت إليهم، والتي بقيت من الصناعات الأساسية حتى في عصرنا الراهن.

الملاحة

من أهم المعلومات:^[٨]

• برع الفينيقيون في تطوير الملاحة البحرية، حيث كانوا من أوائل الأشخاص الذين قاموا بالعديد من الرحلات البحرية في العالم.
• كان الفينيقيون يستخدمون النجوم، والشمس كأدوات تساعدهم على تسيير رحلاتهم البحرية بشكل صحيح، وكأدوات تنقذهم عندما لا يهتدوا إلى الطريق.
• ساعدت الرحلات البحرية التي قام بها الفينيقيون على اكتشاف العديد من المناطق الجغرافية النائية، ومعرفة مسارات البحر، واكتشاف العديد من الثروات حول العالم.

الجانب الفني والأدبي للحضارة الفينيقية

الفنون والعمارة

نذكر في ما يلي أهم المعلومات المتعلقة بإنجازات الفينيقيين في الفن، والعمارة:^[٢][٣]

• اشتهر الفينيقيون بالنحت على الحجارة، والصخور، وما زالت بعض المنحوتات موجودة حتى العصر الحالي، ومن أشهر هذه المنحوتات تابوت حيرام.
• اشتهر الفينيقيون بنحت الخشب، والعاج، كما اشتهروا بصناعة الذهب، والمجوهرات الجميلة.
• أبدع الفينيقيون في بناء القلاع، والموانئ، والعديد من الأبنية التي بقي منها عدد قليل جدًا في العصر الحالي.
• اشتهر الفينيقيون ببناء الأسوار حول الأبنية حتى يحموا الأبنية من أي أعداء، أو مخاطر خارجية قد تحيط بهم.

العلوم

نذكر في ما يلي أهم إنجازات الفينيقيين في مجالات العلوم:^[٩][١٠]

• كان علم الفلك مألوفاً لديهم فقد كانت نجمة القطب نجمة القطب تسمى بـ "النجمة الفينيقية".
• قام الفينيقيون باكتشاف الأبجدية الفينيقية عام 1758، وكانت هذه الحروف تشبه بشكل كبير الحروف العربية، والعبرية، ولاقت انتشارًا واسعًا بين العديد من دول العالم.
• اشتهر الفينيقيون بإنجازاتهم المتعلقة بعلم الرياضيات، حيث كان العالم المشهور فيثاغورس أحد العلماء الذين عاشوا في فينيقيا.^[١١]

أهم إنجازات الحضارة الأخرى

نذكر في ما يلي أهم الإنجازات الأخرى التي قام بها الفينيقيون:^[١٢][١٣]

• اخترع الفينيقيون المجاذيف الخشبية التي كانت تساعدهم في ركوب السفن، والإبحار من مكان إلى آخر.
• بنى الفينيقيون سفناً قوية وسريعة بشراع واحد مع عشرين مجدافاً.
• تمتعت منسوجاتهم الصوفية والقطنية بالجودة، وصارت مشهورة في أماكن واسعة، حتى أن الرجال والنساء من طبقة أشراف الرومان كانوا يتهافتون على منسوجات (صور) المميزة.

معلومات أخرى عن الحضارة الفينيقية

أشهر مدن الحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي بعض أشهر مدن الحضارة الفينيقية:^[٣]

• تواجدت أشهر المدن الفينيقية قديمًا في لبنان، ومن أشهر هذه المدن صور، وصيدا، وجبيل.
• أصبحت مدينة قرطاج أهم مدينة فينيقية في التاريخ، ونالت ذروتها أثناء الحضارة الفينيقية.

نظام الحكم في الحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي أهم المعلومات عن نظام الحكم الذي كان متبعًا في هذه الحضارة:^[٣]

• كانت العائلات النبيلة تقوم بترشيح رئيسين تتم تسميتهما بسوفيتس (suffetes)، فيصبحان رئيسين على مجلس الشيوخ في المدينة لمدة سنة واحدة.
• كان مجلس الشيوخ يتكون من أفراد العائلات الأرستقراطية، ومن وظائف هذا المجلس وضع القوانين، وإدارة شؤون الدولة، واقتصادها، وإعطاء التعليمات لقادة الجيوش في المدينة.

لغة الحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي أهم المعلومات المتعلقة بلغة الحضارة الفينيقية:^[١٤]

• كان الفينيقيون يستخدمون اللغة الكنعانية في التواصل مع بعضهم البعض، ولكن تغيرت هذه اللغة بعد انتشار الحضارة بشكل كبير في العالم.
• اخترع الفينيقيون لغة خاصة بهم، وهي اللغة الفينيقية، واتخذوا هذه الخطوة بعد الانتشار الواسع الذي حققوه حول العالم، وبعد النجاح الكبير الذي لاقته مدينة قرطاجة.
• انتشرت اللغة الفينيقية على نطاق واسع، حيث وصلت إلى العديد من دول العالم مثل ليبيا، وتونس، والمغرب، وإسبانيا.
• تأثرت لغة الفينيقيين قليلاً باللغات الأخرى مثل اللغة المصرية، وغيرها من لغات الدول التي كانت على تواصل تجاري مستمر مع مدن الحضارة الفينيقية.
• تنقسم اللغة الفينيقية إلى ثلاثة أقسام حسب المراحل التي مرت بها، وفي ما يلي أهم أقسام هذه اللغة:
• اللغة الفينيقية القديمة: وكان مستخدمو هذه اللغة يفصلون بين الكلمة والتي تليها بواسطة خط عمودي، ومن أشهر الآثار التي تمت كتابتها بهذه اللغة هي النقوش المكتوبة على تابوت الملك أحيرام.
• اللغة الفينيقية المتوسطة: وهي اللغة التي نالت انتشارًا واسعًا حول العالم، ومن أشهر الآثار التي تعود إلى هذه اللغة النقوش المكتوبة على تابوت ملك صيدا.
• اللغة الفينيقية الحديثة: ومن أشهر الآثار المتعلقة بهذه اللغة النقوش الموجودة على العملات الفينيقية.

ديانة الحضارة الفينيقية

نذكر في ما يلي أهم المعلومات عن الديانة التي كانت متبعة في الحضارة الفينيقية:^[٢][٣]

• اتبع الفينيقيون ديانة مستوحاة من قوى الطبيعة؛ فقد عبدوا آلهة متعددة مرتبطة بعناصر الطبيعة.
• اعتاد الفينيقيون على تقديم أضحيات للآلهة التي يعبدونها، وكان ذلك بهدف عيش حياة سعيدة، وتجنب الوقوع في المشاكل، والمصائب، وكسب رضا الآلهة.
• من أشهر الآلهة التي عُبدت في الحضارة الفينيقية الإله "إيل"، وهو رئيس الآلهة، والإله "بعل"، وهو إله الرياح، والعواصف، والإلهة عشتروت (عشتارت) التي كانت شخصية رئيسية في البانتيون الفينيقي.

تاريخ وأسباب سقوط الحضارة الفينيقية

قامت العديد من الجيوش الشرقية من الآشوريين، والبابليين، وغيرهم بالدخول إلى المدن الفينيقية الرئيسية، ولم يستطع الفينيقيون مقاومة قوة هذه الجيوش، كما قام الإسكندر المقدوني سنة 334 قبل الميلاد باستعمار المدن الفينيقية واحدة تلو الأخرى إلى أن استطاع أن يسيطر على كافة هذه المدن، ومحو هويتهم الفينيقية، وتحويلها إلى إغريقية، ومقدونية، وإنهاء استقلال هذه المدن، ومع هذا بقيت قرطاجة مستقلة لمدة 200 سنة أخرى، إلى أن أتت الحرب البونيقية، وأدت إلى تدمير الرومان لقرطاجة وكان ذلك في عام 146 قبل الميلاد.^[٣]