ما عاصمة إمبراطورية مالي؟

من بين جميع القضايا المتعلقة بإمبراطورية مالي، كان موقع وطبيعة عاصمتها السياسية الأكثر مناقشة وجدلًا تاريخيًا، إذ عادةً ما تشير المصادر العربية إلى تضاريس وصفات العاصمة - حتى إن ابن بطوطة زارها شخصيًا - لكنها لا تقدم أي أدلة قاطعة بشأن اسمها أو موقعها، يشار إلى العاصمة باسم ملال من قبل ابن بطوطة، وابن سعيد والإدريسي، وذكرها الدكالي وابن خلدون بأسماء أخرى.[١]


وذُكرت العاصمة أيضًا بـ 24 اسماً في التاريخ والدراسات السابقة من ضمنها "سونغو"، التي اقترحها البرتغالي دي باروس في عام 1492، وفي كتاب تاريخ الفتاش كتب محمود كعت أنه في القرن السابع عشر كانتا العاصمتين المتتاليتين للإمبراطورية هما دياريبا (Diâriba) (يُفسَّر أحيانًا على أنه كانجابا (Kangaba)) ويان (Yan’) (يقرأ أيضًا باسم نياني (Niani) وونيانغ (Nyang) ووديانغ (Dyang)، اعتمادًا على الترجمة).[١]


ونتيجةً لذلك جادل العديد من المؤرخين فكرة أن عاصمة إمبراطورية مالي لم تكن عاصمة واحدة محددة ودائمة، بل اكتسبت العديد من المدن شعبية تدريجية لتصبح مركز مالي الثقافي أو التجاري في ذلك الوقت، أو أن العاصمة كانت تتغير تبعًا للفترة الزمنية أو لوجود الملك فيها.[١]


تاريخ إمبراطورية مالي

تأسست إمبراطورية مالي (1240م-1645م) في غرب أفريقيا على يد سوندياتا كيتا (حكم 1230م-1255م) بعد انتصاره على مملكة سوسو (1180م-1235م)، حيث قامت حكومة سوندياتا المركزية والدبلوماسية والجيش المدرب جيدًا بتوسع عسكري هائل مهد الطريق لازدهار إمبراطورية مالي، مما يجعلها أكبر إمبراطورية مرت على أفريقيا حتى الآن.[٢]


كان لمالي ملوك، يُطلق عليهم اسم مانسا، ووصلت إمبراطورية مالي إلى ذروة قوتها في عهد مانسا موسى الأول (1312م-1337م)، حيث تزامن التوسع الإقليمي مع التقدم الثقافي، لا سيما في الهندسة المعمارية، بالإضافة إلى الأراضي الكبيرة الخاضعة للسيطرة، والثروة الهائلة التي جلبتها مالي من خلال سيطرتها على طرق التجارة الإقليمية، بسبب موقعها المتوسط بين شمال إفريقيا عبر الصحراء الكبرى ونهر النيجر إلى الجنوب، حيث استغلت مالي حركة تجارة الذهب والملح والنحاس والعاج والعبيد التي عبرت غرب أفريقيا.[٢][٣]


انجذب التجار المسلمون إلى هذا النشاط التجاري، ودخل حكام مالي في الإسلام الذين قاموا بدورهم بنشر الإسلام عبر مراكز تعليمية مشهورة مثل تمبكتو (Timbuktu)، على عكس مدن مثل نياني، ودجين، وغاو، حيث بقي معظم سكانها مزارعين متشبثين بمعتقداتهم الوثنية التقليدية.[٢]


انهيار إمبراطورية مالي

بعد وفاة مانسا موسى عام 1337م، تراجع نفوذ الإمبراطورية في جميع أنحاء إفريقيا بسبب عدم وضوح القواعد للخلافة الملكية، الأمر الذي أدى إلى نشوب حروب أهلية، حيث حارب الإخوة والأعمام بعضهم البعض من أجل العرش، وأيضًا مع فتح طرق التجارة في أماكن أخرى، تطورت العديد من الممالك المتنافسة إلى الغرب، ولا سيما سونغاي، وأدت السفن الأوروبية، وخاصة سفن البرتغاليين، التي كانت تبحر بانتظام على الساحل الغربي لأفريقيا، إلى مواجهة القوافل الصحراوية منافسة شديدة باعتبارها أكثر الوسائل فعالية لنقل البضائع من غرب أفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تعرض الإمبراطورية إلى هجمات من قبل الطوارق عام 1433 وشعب موسى، الذين كانوا في ذلك الوقت يسيطرون على الأراضي الواقعة جنوب نهر النيجر.[٢][٣]


وفي عام 1468م، ضم الملك السني علي على إمبراطورية سونغاي (1464م-1492م) بقايا إمبراطورية مالي له تاركًا القليل من المناطق المتبقية من إمبراطورية مالي العظيمة سابقًا، وبحلول القرن السابع عشر، ضمت الإمبراطورية المغربية المنطقة.[٢][٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت Sirio Canos-Donnay (25/2/2019), "The Empire of Mali", oxford, Retrieved 26/6/2022. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج Mark Cartwright (1/3/2019), "Mali Empire", worldhistory, Retrieved 26/6/2022. Edited.
  3. ^ أ ب ت "The Mali Empire", national geographic, Retrieved 26/6/2022. Edited.