ما هي مقومات الحضارة؟

الحضارات هي مجتمعات بشرية تمتاز بمستوى متقدم من التطورات الثقافية والتكنولوجية،^[١] كما أنّ الحضارات لا تخلو أيضًا من المؤسسات القانونية التي تفرض النظام لضمان نشوء سلس وآمن للمراكز الحضرية ونمو الكثافة السكانية، ويعيش الأفراد في الحضارة ويعملون مع بعضهم البعض بشكل تعاوني، ولا تتوافق الحضارة ونشأتها مع الفردية التي يكون فيها البقاء للأقوى؛ فالجميع في الحضارة يعمل ويعيش لضمان البقاء المشترك لهم وللآخرين، وتقوم الحضارة على أسس وأهداف تحسين نوعية الحياة، ويظهر هذا في سماتها التي يعكس مستواها، وطبيعتها، وواقع الحضارة، ومدى رفاهية شعبها، مثل الأمن والثقافة والفنون.^[٢][٣]

مقومات الحضارة

تقوم أي حضارة في العالم على المقومات والعناصر التالية:^[٤]

• المناطق الحضرية: تسمح المناطق الحضرية والمراكز ذات الكثافة السكانية (المدن) للحضارات بالتطور، ولكن هذا لا يعني أنّ الأفراد الذي يعيشون في خارج المناطق الحضرية ليسوا جزءًا من الحضارة، فهم جزءٌ لا يتجزأ منها، كما أنهم يبيعون سلعهم ومنتجاتهم وخدماتهم لسكان المدن، مثل المزارعين والصيادين والتجار، إضافةً إلى ذلك، تمثل المناطق الحضرية مراكز للنشاطات التي يقوم عليها اقتصاد وهوية الحضارة، مثل التجارة والسياسة والثقافة.^[٤][٥]
• الآثار: الآثار هي وسيلة الحضارات لحفظ إرثها وتراثها، وتتخذ أشكلاً عديدة مثل المعالم والصروح والمباني الكبيرة،^[٤] ويمكن تشبيه الآثار بالعدسة التي تصحب الرائي إلى الماضي، ويرتبط التاريخ ودراستهِ بشكلٍ أساسي بالآثار، التي من فوائدها الأخرى تنمية الحس الجمالي وتوليد التقدير للأسلاف وثقافتهم.^[٦][٧]
• التواصل المشترك: يتخذ التواصل المشترك في الحضارات عدة أشكال تشمل اللغة المنطوقة، والحروف الهجائية (اللغة المكتوبة)، والأعداد، والعلامات والإشارات، والأفكار، والرموز، والتمثيل، والتوضيح، ويسهم التواصل المشترك في بناء أرضية متينة للأنشطة المهمة في الحضارات، مثل التجارة والسياسة والتبادل الثقافي، كما يساعد في مشاركة هذه الأنشطة والممارسات مع جميع مناطق الحضارة ومع الحضارات الأخرى، كما لعبت اللغة المكتوبة دورًا محوريًا في الحضارات؛ حيث سمحت بتسجيل الأحداث وأبرز الوقائع والقوانين والقصص، التي يُستدل من خلالها اليوم لفهم العالم القديم.
• البنية التحتية: يرتبط وجود الحضارات بشكل أساسي بوجود البنية التحتية، التي قد تكون على شكل طرق وإمدادات مياه وصرف الصحي، ولا تستطيع المجتمعات في الحضارات العمل والتطور من دون البنى التحتية؛ فهي تمثل الهيكل المادي والتنظيمي الذي يسمح للاقتصادات بالعمل بسلاسة، ويوفر أيضًا الخدمات والمرافق والحماية للسكان ومصالحهم.^[٨][٩]
• تقسيم العمل: يُقصد بتقسيم العمل تجزئتهُ إلى عدة مهام، وتوكيل شخص أو مجموعة من الأشخاص للقيام بالمهمة، وتكمن أهميتهُ في تنظيم العمل وزيادة تركيز العاملين في مهامهم والتنويع في طبيعة الأعمال التي تعتبر جزءًا أساسيًا من اقتصاد الحضارة، مما يسهم في رفده ونهوض الحضارة وتعزيز قوتها الداخلية والخارجية.^[١٠]
• التقسيم الطبقي: تنقسم الطبقات الاجتماعية في الحضارات اعتمادًا على الدخل ونوع العمل المنجز،^[٤] وتكمن أهميتهُ في حفظهِ للنظام ومساعدة الأفراد على تكوين مفهوم الذات عن أنفسهم وفهم دورهم في مجتمعاتهم.^[١١]
• الابتكارات: تكمن أهمية الابتكارات في الحضارات بدورها في تحسين نوعية الحياة، وتسهيل طرق القيام بالأمور، وتحقيق الرفاهية، وزيادة المعرفة، وحتى إنقاذ الأرواح.^[١٢]

مظاهر الحضارات

من أبرز مظاهر الحضارات:^[١٣]

• وجود حدود جغرافية ومؤسسات سياسية: تمثل الحدود الجغرافية في الحضارات السمات المادية التي تعود عليها بالمنافع، مثل الأنهار أو البحار أو الصحاري، بينما تعتبر المؤسسات السياسية ركيزة الحضارات التي تحفظ وجودها وتحمي حدودها وشعبها.
• تركز السكان في المدن: تنشأ الحضارات بشكل رئيسي نتيجة زيادة أعداد السكان؛ خاصةً القاطنين في المدن، وتستمد المدن أهميتها من توافر الإمدادات المستقرة من الغذاء، واحتضانها للنشاطات الاقتصادية.
• الدين والفن والعمارة: يُمارس الأفراد في الحضارات معتقداتهم عن طريق الدين، الذي كان في الحضارات الإنسانية المبكرة متعلقًا بآلهة محددة أو الآلهة المتعددة، وتكمن أهمية الدين في الحضارات بأنه يفسر لشعوبها الظواهر من حولهم، وهو أحد سماتها التي تميزها عن بقية الحضارات أو تربطها بها، وبالنسبة للفن والعمارة، فهما يعبران عن الحضارة وسماتها الجمالية، بما في ذلك المباني الكبرى أو المنحوتات والمنسوجات والمجوهرات وغيرها.
• اقتصاد يُنتج فائضاً من الغذاء: توفر الغذاء يعني ببساطة استقرار الحضارة ووجودها من الأساس؛ فعندما يكون المزارعون قادرين على ممارسة عملهم دون عوائق وإنتاج كمية كافية أو فائضة من الغذاء؛ فإن هذا يسمح لبقية الأفراد في الحضارة بالقيام بأعمالهم دون قلق، الأمر الذي يسهم في نهضة الحضارة من جميع الجوانب.

أهمية الحضارة 

تبرز أهمية الحضارات بما يلي:^[١٤][١٥]

• تساعد الحضارات على فهم العالم بشكلٍ أفضل؛ فمن خلالها يمكن الاطلاع على أسس العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومعرفة تاريخ القواسم والاختلافات الاقتصادية والسياسية بين البيئات والثقافات والأشخاص.
• تتيح دراسة الحضارات القديمة التعرف على أخطاء الماضي من أجل منع تكرارها في المستقبل، ويمكن من خلالها أيضًا معرفة أصول البشر وهويتهم، ومن أين أتوا وكيف تأقلموا مع المصاعب التي كانت تواجههم في العالم القديم.
• شهدت الحضارات القديمة ابتكاراتٍ وإنجازاتٍ في كافة المجالات مثل العلوم والطب والهندسة والزراعة والفنون والعمارة والأدب وغيرها، ويمكن الاستفادة من تجاربهم مع هذه الإنجازات للمساهمة في التقدم الذي يشهده العالم الحديث، والذي لا يخلو من ظهور احتياجاتٍ جديدة يتطلب تلبيتها أساسًا لبناء الحل عليه.