ملابس العصر الحجري
عاش إنسان عصور ما قبل التاريخ، وخاصة إنسان العصر الحجري، ما لا يقل عن سبعة عصور جليدية، بينما عاش آخرون في مناخات دافئة في السافانا والصحاري، مما يعني اخنلاف ملابسهم بحسب المناخ، أيضًا يجب أخذ عقلية الإنسان الحجري بعين الاعتبار، إذ كان العري أمرًا عاديًا وطبيعيًا في تلك العصور.[١]
مناطق المناخات الدافئة
كان البشر الأوائل في المناخات الدافئة عراة في أوقات فراغهم أو أوقات راحتهم، أما عند خروجهم للصيد كانوا يطلون أجسادهم بالطين والفحم والمغرة (صبغة طينية مكونة من أكسيد الحديديك والطين والرمل، لونها أصفر أو برتقالي غامق أو بني)، تحميهم من الرياح والخدوش والأشواك والشمس بمجرد جفافها، وأظهرت الاكتشافات الأثرية تركيز الإنسان القديم على تعدين المغرة ونقلها لمسافات كبيرة، وعدم وجود أصل لإبر الخياطة في العصر الحجري في إفريقيا، مما يعني أنهم لم يستخدموا الملابس أبدًا.[١]
لا تزال طلاءات الجسم من الطين والفحم والمغرة مستخدمة على نطاق واسع بين القبائل النائية في أفريقيا، والتي لا تزال تعيش بأسلوب حياة دون تغيير منذ العصر الحجري القديم.
مناطق المناخات الباردة
بدأت ملابس العصر الحجري في الظهور في المناخات الباردة والعصور الجليدية، حيث احتاج الإنسان القديم هذه الملابس للحماية من البرد، وبظهور الملابس، ظهرت إبر الخياطة، وأقدمها إبرة عمرها 60 ألف عام، واستخدم الإنسان القديم فراء الحيوانات وجلودها كمواد لصناعة الملابس، التي تطورت من عباءات بدائية إلى قطع أكثر تعقيدًا.[١]
كان إنسان نياندرتال أكثر تحملاً للبرد، وبالتالي تطلب عددًا أقل من جلود الحيوانات للحماية من البرد، لكنهم امتلكوا مهارة تصنيع الملابس، أما بالنسبة للإنسان العاقل، فلم يكونوا يتمتعون بالمرونة نفسها تجاه البرودة، وبالتالي كان عليهم تطوير ملابس معقدة للاحتفاظ بالدفء، الأمر الذي مكنهم من تطوير أدوات أكثر تخصصًا، لصناعة الجلود وإتقان الخياطة، أيضًا استخدموا الطحالب والكتان والألياف ولحاء الأشجار والعشب إلى جانب الجلود والفراء، بالإضافة إلى الملابس طور الإنسان القديم أحذية ثلجية لعبور الثلوج العميقة، والحبال والشبكات المصنوعة من الألياف النباتية.[١]
ملابس رجل الثلج أوتزي
واجه علماء الآثار صعوبات عديدة في اكتشاف ملابس الإنسان الحجري، لأن المواد العضوية التي صُنعت منها الملابس في ذلك الوقت لم تتمكن من الصمود حتى وقتنا هذا بسبب قابليتها للتحلل، ولكن بعد اكتشاف رجل الثلج أوتزي (Ötzi)، أعطى العلماء فرصة كبيرة للاطلاع على ملابس الإنسان في ذلك الوقت، وأوتزي اسم رجل بشري قديم محنط عثر عليه السائح الألماني هيلموت سيمون، في نهر سيميلون الجليدي في جبال أوتزتال الألب في تيرولي، على الحدود الإيطالية النمساوية، في 19 سبتمبر 1991م، حيث يُرجح أن أوتزي عاش في نهاية العصر الحجري القديم.[١][٢]
وتعود بقايا أوتزي إلى 3345 قبل الميلاد، حيث وُجدت جثته محنطة بسبب الجليد، وعُثر مع جثته جميع مقتنايته محفوظة جيدًا بجانبه، إذ أُعيد بناؤها بالكامل بدقة فائقة، ففي وقت وفاته، كان أوتزي يرتدي عباءة مصنوعة من العشب المنسوج وقطع من الملابس المصنوعة من جلود حيوانات مختلفة، وكانت هذه القطع: الطماق والحزام والمعطف والحذاء والمئزر، وكان معطفه الدافئ مصنوعًا من جلد الغنم المخيط من عدة جلود بألوان مختلفة، مع جزء واحد مصنوع من جلد الماعز.[٣][١]
وكان أوتزي يرتدي على ظهره قبعة من جلد الدب مثبتة بحزام جلدي، وحذاء بتصميم معقد وكفاءة عالية، إذ كان حذاؤه مقاومًا للماء ومصنوع من عدة أقسام، حيث صُنع الجزء العلوي من جلد الغزلان، أما الجزء الذي يغطي أخمص القدم، فكان مصنوعًا من جلد الدب، وبأربطة مصنوعة من جلود الماشية، واحتوى الجزء الداخلي من الحذاء على شباك منسوجة ومحشوة بالعشب الناعم.[٣][١]