ألقِ نظرة على العوامل الدينية في الحضارة المصرية

ظلت الحضارة المصرية القديمة، منذ تاريخ توحيد قطريها في العام 3100 ق.م، حتى غزو الإسكندر الأكبر لها في عام 332 ق.م، وبذلك فهي من أعظم حضارات منطقة البحر الأبيض المتوسط لحوالي 30 قرنًا من الزمن، وقد قامت حضارة مصر القديمة في شمال شرق أفريقيا، واعتبر نهر النيل الشريان الرئيسي للحياة فيها، خاصةً بسبب التربة الخصبة الناتجة عن فيضانهِ السنوي،^[١][٢] وما زالت البشرية تستفيد من ابتكارات المصريين القدماء مثل: الورق، والحبر، والشرطة، والطاولات، والتقويم، والمحراث الزراعي، والساعة.^[٣][٤]

طبيعة ديانة مصر القديمة

تميزت ديانة المصريين القدماء بما يلي:^[٥][٦]

• آمن المصريون القدامى بتعدد الآلهة (Polytheism)، واستمرت ديانتهم لأكثر من 3000 عام، وكانوا يعتقدون أن الآلهة تتمثل بالقوى الطبيعية وتتحكم بها.
• كانت حياة سكان الحضارة المصرية متأثرة إلى حد كبير بمعتقداتهم الدينية، وكانوا يجتهدون لنيل رضا الآلهة من أجل تحقيق مصالحهم.
• تختلف أنواع الآلهة في الحضارة المصرية القديمة؛ حيث وجدت آلهة ذات أدوار رئيسية في الكون، وآلهة ذات أدوار ثانوية (أو شياطين)، وآلهة غير مصرية (أجنبية)، كما كان بعض البشر يعدون من الآلهة أحيانًا، ولا سيما الفراعنة الذين توفوا.
• في الفترة التي هيمن فيها الفراعنة على مصر القديمة، ركزت الممارسات الدينية على الفرعون، لاعتقادهم بقدسيته وأنّه وسيط بين الناس والآلهة، وأنّه من يدعمهم للحفاظ على النظام في الكون، وذلك لتمكين الدولة من إنفاق مواردها بسخاء على بناء المعابد، وإقامة الطقوس.
• بعد تراجع سلطة الفرعون، أصبح الناس يتقربون بشكلٍ مباشرٍ للآلهة لتحقيق مطالبهم الشخصية عن طريق الصلاة، أو السحر، وقد شهدت هذه الممارسات شعبية أكثر لاحقًا.
• لجأ المصريون القدماء للدين من أجل تفسير الظواهر الحاصلة في محيطهم مثل: الفيضانات، وشروق الشمس، وغروبها، كما جعلوا آلهتهم ذات صفاتٍ بشرية؛ تعيش، وتموت، وتأكل، مما يقدمهُ البشر لها في الطقوس، وكانت بعض الطقوس تقام للآلهة بمعدل ثلاث مرات في اليوم من قبل الفرعون، أو كهنتهِ.
• كانت المعابد وسيلة الحضارة المصرية، لتوقير الآلهة، وكانت تضم تماثيلهم التي تعبر عن صورهم المادية، فلم يكن يُسمح للجميع بدخول المعابد بانتظام، ولم يُسمح للأشخاص العاديين بدخولها أبدًا، وكان يسمح لهم بدخولها فقط في الأعياد، وكان دخولهم محصورًا فقط في فناء المعبد.^[٧]

أهم الآلهة المصرية

يُذكر منها ما يأتي:

أوزيريس (Osiris)

وتاليًا أهم التفاصيل عنه:^[٨]

• عُبد أوزيريس، كإلهٍ للحياة الآخرة، واعتبر الابن الأكبر لإله الأرض جب وإلهة السماء نوت.
• يُصور أوزيريس غالبًا باللون الأخضر، في إشارة لارتباطهِ بالتجديد والنمو وباعتبارهِ إله الحياة النباتية، والمسؤول عن الفيضانات، التي تزيد خصوبة التربة على ضفاف نهر النيل.
• حسب الأسطورة، تزوج أوزيريس من شقيقتهِ إيزيس، وقُتل على يد شقيقهِ ست، واستطاعت إيزيس إعادتهُ للحياة لينجبا طفلاً هو حورس، الذي انتقم لاحقًا من قاتل والده وأصبح فرعونًا جديدًا على مصر، بينما أصبح والدهُ أوزوريس إله العالم السفلي المسؤول عن الحياة الآخرة للفراعنة والناس.

آمون رع (Amun-Ra)

وتاليًا أهم التفاصيل عنه:^[٩]

• كان آمون رع كبير الآلهة المصرية القديمة، وكان يُعتقد أنه والد الفراعنة، وكان يُعبد داخل مصر وفي خارجها أيضًا.
• في بدايات الحضارة المصرية، كان آمون رع يُعبد كإلهين منفصلين؛ آمون ورع، وكان آمون يمثل الإله الذي خلق الكون، وكان رع إلهًا للشمس والنور، وكان يسافر يوميًا عبر السماء في قاربٍ محترق.
• توحد الإلهان آمون، ورع، في عصر المملكة المصرية الحديثة بين القرنين السادس عشر، والحادي عشر قبل الميلاد.

موط (Mut)

وتاليًا أهم التفاصيل عنها:^[١٠]

• موط؛ معناها الأم، وكانت هذه الإلهة أم الآلهة الأخرى، وكانت ترتدي تاجين على رأسها يمثلان مصر العليا، ومصر السفلى.
• كان يتم تصوير الإلهة موط على هيئة امرأة مع أجنحة نسر، وتحمل في يدها العنخ (مفتاح الحياة)، وثوبها باللون الأحمر، أو الأزرق الفاتح، وعند قدميها توجد ريشة للإلهة ماعت.
• كانت موط تُعبد من قبل الفراعنة المختلفين، وتصور بأشكال حيواناتٍ مختلفة، هي القطة، والبقرة، والكوبرا، واللبؤة، والنسر.

تحوت (Thoth)

وتاليًا أهم التفاصيل عنه:^[١١][٨]

• كان يُعتقد أنّ الإله تحوت هو من أوجد التقويم المؤلف من 365 يومًا، وأنه الحكم الذي يحسم الخلافات بين الشر والخير، وسيد القوانين الدنيوية والإلهية، وكان يحفظ نظام الكون مع الإلهة ماعت، من خلال إتقانه للحسابات، وإليه يُنسب وضع العلم، والفلسفة، والسحر، واعتبر أيضًا إله القمر الذي من خلاله يحتسب الوقت عند مغيب الشمس.
• عبد المصريون القدماء تحوت كإله للمعرفة، ومخترع للكتابة، وفروع المعرفة المختلفة، واستمرت عبادتهُ حتى عصر الأسر المصرية.
• يتم تصوير الإله تحوت في هيئة بشرية برأس طائر أبو منجل المقدس والمرتبط بالحكمة، ويحمل في بعض الأحيان العنخ (رمز مفتاح الحياة)، أو لوح كتابة وقلماً، ويكون مرتديًا تاج الأتف (Atef)، الذي يرتديهِ أوزيريس غالبًا.

حتحور (Hathor)

وتاليًا أهم التفاصيل عنها:^[١٢][٨]

• آمن المصريون القدماء أنّ حتحور (ابنة الإله رع) هي من ترحب بالموتى في حياة الآخرة، وأنها تعمل على مساعدة النساء أثناء الحمل، والولادة، وأكثر ما يميزها هو الحنان، والتواضع، واللطف، الذي تُغدقه على الأحياء، والأموات.
• من الألقاب التي كانت تُطلق على حتحور: سيدة الحياة، وسيدة السماء، وسيدة القرابين، وسيدة النجوم، وكانت حتحور إلهة للحركة، والموسيقى، والحب، والمشاعر.
• ارتبطت حتحور بالأحجار الكريمة بما في ذلك الفيروز، والذهب، وسُميت بسيدة الفيروز، وكانت تصور على هيئة بقرة، وقطة، وأسد، وإوزة.

أسماء آلهة مصرية أخرى

يُذكر منها:^[١٣]

• سخمت (Sekhmet).
• بتاح (Ptah).
• أنوبيس (Anubis).
• باستيت (Bastet).

المعتقدات الدينية في الحضارة المصرية

من أهم المعتقدات التي آمن بها المصريون القدماء:^[١٤]

• الكونيات: حسب المعتقدات المصرية القديمة يتمحور الكون حول ماعت (Ma’at)، الذي يشير إلى النظام الكوني (ماعت أيضًا آلهة مصرية قديمة) الذي يرتكز على الحقيقة، والعدالة، والنظام، ولولاه كان العالم سينهار، حيث يشمل سكان الكون كلاً من الآلهة، وأرواح الموتى، والأحياء، والفراعنة، ويجب أن يتعاونوا جميعًا لمنع إخلال النظام الكوني، ويجب أن تعمل الآلهة في سبيل ذلك بتوازن للتجديد خلال الأحداث المتكررة مثل: الفيضان السنوي للنيل.
• الأساطير: عرفت الأساطير المصرية من خلال التراتيل، والنصوص الشعائرية، والجنائزية، وتلك المرتبطة بالسحر، وكتابات الإغريق، والرومان، كما تُعتبر أسطورة الخلق، من أهم الأساطير المصرية، ويرد فيها أنّ العالم ظهر في وسط الفوضى، وظهر معه الإله رع لأول مرة، كما ورد في رواياتٍ أخرى لهذه الأسطورة أنّ الإله أتوم، تحول إلى عناصر هذا العالم.
• صعود وسقوط الآلهة: هناك آلهة مصرية اكتسبت مكانةً مهمة بمرور الوقت، ثمّ سقطت، وذلك بسبب تفوق آلهة أخرى عليها، مثل: إله الشمس رع، وإله الخلق آمون، وإلهة الأم إيزيس.