يمتد تاريخ اليمن إلى أكثر من 3000 عام، ولا تزال ثقافته المختلفة والفريدة قائمة حتى اليوم، وواضحة في الهندسة المعمارية للمدن والقرى اليمنية، ومنذ حوالي 1000 عام قبل الميلاد حكمت هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية الجنوبية ثلاث حضارات متعاقبة وهي؛ مملكة معين، ومملكة سبأ، ومملكة حمير، واعتمدت هذه الممالك الثلاث في ثروتها على تجارة التوابل والعطريات، حيث كانت المنتجات العطرية مثل: المر، واللبان، تحظى بتقدير كبير في العالم المتحضر القديم، والتي استخدمت كجزء من طقوس مختلفة في العديد من الثقافات، بما في ذلك الثقافة المصرية واليونانية والرومانية.[١]


أين ازدهرت حضارة سبأ، ومعين، وحمير

خلال ظهور الحضارات القديمة العظيمة في مصر وبلاد ما بين النهرين وعلى طول البحر الأبيض المتوسط، أصبحت اليمن القديمة رابطًا تجاريًا بريًا هامًا ربطت الطرق التجارية بين هذه الحضارات، وتاجرت بالسلع الفاخرة ذات القيمة العالية في جنوب شبه الجزيرة العربية ونقاط في الشرق والجنوب، وفي القرن الحادي عشر قبل الميلاد تم تحسين الطرق البرية عبر شبه الجزيرة العربية بشكل كبير باستخدام الجمل للتنقل حيث تم نقل البخور من مركز إنتاجه في مدينة قانا إلى غزة، ونتيجة لذلك نشأت العديد من الممالك التجارية قبل الإسلام على طريق تجارة البخور الذي يمتد شمالًا وغربًا بين سفوح التلال وحافة الصحراء.[١]


  • سبأ: هي مملكة في جنوب شبه الجزيرة العربية في منطقة من اليمن حاليًا، واتّخذت مأرب عاصمة لها، واستمرت حضارة سبأ العظيمة لنحو 14 قرنًا، وازدهرت بين القرن الثامن قبل الميلاد و 275 بعد الميلاد، حيث لم تعتمد فقط على تجارة التوابل، بل أيضًا اعتمدت على الزراعة.[٢][١]
  • معين: هي مملكة عربية جنوبية قديمة ازدهرت ما بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد في ما يعرف الآن بشمال اليمن، حيث قامت في منطقة الجوف بين حضرموت ونجران بسبب مميزات المكان الجغرافية والمناخية، وأسست عاصمتها في مدينة قرناو المعروفة الآن باسم صعدة، واستمرت المملكة من حوالي 1200 إلى 650 قبل الميلاد، كان الشعب المعيني من كبار تجار البخور وكان ازدهارها يرجع إلى تجارة اللبان والتوابل.[٣][١]
  • حمير: تأسست مملكة حمير حوالي عام 110 قبل الميلاد، وأسس الحميريون عاصمتهم في ظفار وهي الآن مجرد قرية صغيرة في منطقة إب، واستمرت المملكة من القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الخامس عشر الميلادي، وسرعان ما أصبحت إمبراطورية كبيرة وسيطرت على أجزاء مهمة من شبه الجزيرة العربية وخاصة بعد أن غزا الحميريون مملكة سبأ، واستمرت عاصمة مملكة حمير ظفار حتى القرن الرابع الميلادي، وبعدها انتقلت العاصمة إلى صنعاء وهي أيضًا عاصمة اليمن الحديث.[٤]


أسباب ازدهار حضارة سبأ، ومعين، وحمير

في ما يلي أبرز أسباب ازدهار هذه الحضارات:

حضارة سبأ

في ما يلي أسباب ازدهار حضارة سبأ:[٢]

  • تم إرسال البضائع من سبأ إلى بابل وأوروك في بلاد ما بين النهرين، وإلى ممفيس في مصر، وجبيل وصيدا وصور في بلاد الشام، ومن ميناء غزة إلى مناطق أبعد من ذلك.
  • صعد ملوك السبئيين إلى السلطة وأمروا ببناء مشاريع كبيرة في العاصمة مأرب وأشهر هذه المشاريع سد مأرب وهو أقدم سد معروف في العالم والذي يسد وادي ضنا (وادي العدانة)، حيث تم بنائه للتحكم في المياه وتحويلها إلى المزارع المنخفضة في الوادي.
  • اعتمد الاقتصاد على تجارة طرق البخور وعلى الزراعة.
  • قدم سد مأرب ريًا وفيرًا للحقول، حيث كانت المحاصيل وفيرة ويتم حصادها مرتين في السنة.
  • كانت محاصيلهم عبارة عن تمور، وشعير، وعنب، وقمح، وفواكه متنوعة.
  • كان المحصول الأكثر أهمية هو الأشجار التي زودت عصارتها الناس برائحة اللبان، والمر؛ مما جعل المملكة غنية جدًا.


حضارة معين

في ما يلي أسباب ازدهار حضارة معين:[٥]

  • كانت ثروة مملكة معين قائمة على التجارة.
  • قام المعينيون بتأسيس مستعمرات تجارية في البلدات في جميع أنحاء جنوب الجزيرة العربية، وكانت مراكزهم الرئيسية (مدن القوافل) النموذجية.
  • سيطر المعينيون على طريق التجارة الغربي الممتد شمالًا من ساحل البحر الأحمر الداخلي.
  • من المرجح أن المعينيين مارسوا نفوذهم التجاري من خلال المعاهدات التجارية مع المجتمعات على طول الطريق.
  • هناك أدلة على نشاط تجاري معيني في أقصى الشمال حتى غزة في فلسطين، وفي الواقع حتى في أماكن بعيدة مثل مصر واليونان.


حضارة حمير

في ما يلي أسباب ازدهار حضارة حمير:[٦]

  • استولت مملكة حمير على عدد كبير من الممالك المجاورة الصغيرة وخاصة مملكة ظفر والتي سرعان ما أصبحت عاصمة الحميريين.
  • برزت مملكة حمير في المنطقة بعد غزو مملكة سبأ الأسطورية في عام 280 م.
  • تم غزو مملكة حضرموت وبالتالي حكمها الحميريون، لذلك سيطر الملك الحميري شمير يوهاريش بالكامل على الأراضي الحديثة في اليمن وعمان والإمارات العربية المتحدة.
  • خلال القرن الرابع الميلادي زادت العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الإمبراطورية الرومانية.


أسباب تراجع حضارة سبأ، ومعين، وحمير

في ما يلي أبرز أسباب تراجع هذه الحضارات:

حضارة سبأ

أسباب تدهور وسقوط حضارة سبأ:[٢]

  • استمرت مملكة سبأ في الازدهار حتى بدأت الأسرة البطلمية في مصر في تفضيل طرق المياه للتجارة بدل الطرق البرية، وما أحدث فرقًا في سبأ هو قرار مصر الاستغناء عن الوسيط والتعامل مباشرة مع مدينة قاني (Qani) الساحلية.
  • بدأ الحميريون في التوسع واكتساب السلطة في المنطقة حول ريدان في شبه الجزيرة العربية من خلال التجارة، وفي عام 200 م غزا الحميريون مدينة قتبان، وبمجرد أن عززوا حكمهم فيها انقلبوا على مملكة سبأ والتي سقطت في 275 م.
  • في سنة 575 م سقط سد مأرب، وغمرت المياه سبأ.


حضارة معين

أسباب تدهور وسقوط حضارة معين:[٧]

  • في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد تم غزو مملكة معين من قبل قتبان وأصبحت تحت حكمهم.
  • بعد ذلك تم دمجها في مملكة سبأ وأصبحت فيما بعد جزءًا من منطقة سبأ وإقليم ريدان.
  • وفي النهاية قام الجنرال الروماني أيليوس غالوس بشن حملة عسكرية في المنطقة في 25/24 قبل الميلاد.


حضارة حمير

أسباب تدهور وسقوط حضارة حمير:[٤]

  • نشأت الصراعات الدينية وأدت إلى انهيار الإمبراطورية.
  • واجهت مملكة حمير تدهورًا سياسيًا مهمًا، حيث فقد حكام المملكة ببطء قوتهم وسلطاتهم، بالإضافة إلى السيطرة على أجزاء رئيسية من مستعمرات الحمير.
  • في عام 525 م غزا ملك أكسوم اليمن، وذلك أدى إلى انتحار ملك حمير يوسف بن شرحبيل.
  • أصبحت الديانة المسيحية هي الديانة الرئيسية في المنطقة حيث اضطر معظم اليهود الحميريين إلى التحول للمسيحية أو مغادرة المنطقة.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Ancient Yemen", cs, Retrieved 23/5/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2/3/2018), "Kingdom of Saba", worldhistory, Retrieved 23/5/2021. Edited.
  3. Mahmud Ali Ghul , "History of Arabia", britannica, Retrieved 24/5/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Malek-Ahmadi (5/1/2020), "The Himyarites", rebuildthemiddleeast, Retrieved 24/5/2021. Edited.
  5. "History of Arabia", timemaps, Retrieved 25/5/2021. Edited.
  6. Malek-Ahmadi (5/1/2020), "The Himyarites", rebuildthemiddleeast, Retrieved 25/5/2021. Edited.
  7. "Coins from the Minaean Kingdom", numista, Retrieved 25/5/2021. Edited.