يرجع أصل السلاجقة إلى قبيلة قنق التركمانية، وهي واحدة من قبائل الغز التركمانية المعروفة بتركستان حالياً، تمتد من هضبة منغولياً وشمال الصين شرقاً إلى بحر قزوين غرباً، ومن سهول سايبيريا شمالاً إلى شبه القارة الهندية وبلاد فارس جنوباً، يبلغ عدد تلك القبائل 24 قبيلة وعشيرة حيث استوطنوا تلك المناطق ولقبوا بالأتراك أو الترك، ثم انتقلوا في نصف القرن السادس الميلادي من موطنهم الأصلي متجهين غرباً نحو آسيا الصغرى، حيث نشأت الدولة السلجوقية في آسيا الصغرى، والعراق، وإيران، وسوريا.[١][٢]


عصر نفوذ السلاجقة

فيما يلي، أهم الأحداث الجديرة بالذكر التي حدثت في عصر النفوذ السلجوقي (1055- 1258م):


قيام الدولة السلجوقية

أسس السلطان السلجوقي أبو طالب محمد بن ميكائيل الملقب بطغرلبك دولة السلاجقة في خراسان عام 1040م، كانت دولة الخلافة العباسية في حالة من الانهيار في ذلك الوقت، وانتصر السلطان مع جيشه على الغزنويين في معركة داندانقان، حيث اعترف به الخليفة العباسي سلطاناً في عام 1041م، وسيطر السلاجقة على معظم أملاك المسلمين واستولوا على الري، ثم واصل السلاجقة توسعهم في فارس، وجرجان، وطبرستان، وأذربيجان، وأصفهان التي اتخذها عاصمة له تمهيداً لمد نفوذهم إلى العراق.[٣][٤]


الوضع الداخلي في بغداد

زحف السلاجقة غرباً باتجاه بغداد، حيث كانت في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار مما ساعد السلاجقة على ضم العراق إلى دولتهم التي قاموا بإنشائها في إيران وخراسان، وكانت تعاني بغداد من تنافس ونزاعات أسرية بين الأمراء البويهيين (جلال الدولة البويهي وأخيه أبي كاليجار)، إضافة إلى الثورات المستمرة التي كان يفتعلها الجند آنذاك ونشوء الفتن بينهم، مما أدى إلى إضعاف الدولة البويهية، حيث أصبحت عاجزة عن إدارة الأمور في العراق، وحل التفكك والانحلال، والشغب والنزاعات محل الأمن في بغداد.[٤]


دخول السلاجقة بغداد

كانت بغداد في البداية تحت سيطرة أبي الحارث البساسيري حيث كان بيده زمام أمور الدولة ولا يتم اتخاذ أي قرار يخص الدولة إلا بموافقته مشكلاً بذلك خطراً على الخلافة العباسية والدولة البويهية، ثم في عام 1054م حدث خلاف بينه وبين الخليفة من جهة، وبينه وبين الملك عبد الرحيم البويهي من جهة أخرى، وفي ضوء تلك النزاعات طلب الخليفة المساعدة من السلطان طغرلبك لإنهاء نفوذ البساسيري؛ فدخل بغداد مع جيشه السلجوقي العظيم في عام 1055م، واعترف به الخليفة سلطاناً على العراق آنذاك، ومنحه كافة الصلاحيات.[٤]


سياسة السلاجقة الجائرة في العراق

عندما قام السلاجقة بالسيطرة على العراق أوعزوا بتجريد الخلفاء العباسيين من سلطاتهم الدنيوية والتسلط عليهم، وكان هناك الكثير من النزاعات بين الملك وسلاطين السلاجقة مما أدى إلى انعدام الأمن والراحة في البلاد، إضافة إلى تراجع العراق اقتصادياً وثقافياً، واجتماعياً وسياسياً في عهدهم، وانتشرت الأمراض وتفشى الجهل في البلاد وجفت الأنهار وأهملت الزراعة بسبب سياساتهم وتصرفاتهم السيئة، حيث نهبوا أموال الناس وفرضوا الضرائب ومارسوا عليهم أشكالاً مأساوية من العنف والاعتداء على المساكن.[٥]


جهود الخلافة للتحرر من النفوذ السلجوقي

فيما يلي، ذكر لأهم جهود الخلفاء العباسيين للتحرر من نفوذ السلاجقة:

سياسة الخليفة المسترشد بالله

بدأت محاولات الخليفة العباسي المسترشد بالله المتمثلة بإعادة هيبة الدولة العباسية واستعادة نهضتها وقوتها، حيث رفضت الخلافة العباسية الخضوع لعوامل الضعف وقررت استرداد نفوذها المسلوب وأن تحارب للتحرر والاستقلال من السلاجقة؛ ففي العاشر من رمضان عام 529 هجرياً انطلق الخليفة المسترشد بالله مع جيشه وبعض من أعيان دولته من قضاة، وخطباء، وفقهاء للوقوف في وجه السلطان السلجوقي مسعود بن محمد بن ملكشاه في همذان، حيث نشبت حرب بينهم أسفرت عن هزيمة الخلافة العباسية وقيام السلاجقة بأسر الخليفة مع أكابر دولته ثم قاموا بإنهاء حياته.[٦]


سياسة الخليفة الراشد بالله

كان الراشد بالله ولي العهد بعد أبيه حيث سار على نهج والده المسترشد بالله لمحاربة السلاجقة، قام السلجوقي مسعود بن محمد بتجديد البيعة له بعد مقتل أبيه، كانت سياسته تقوم على إبعاد السلاجقة والأخذ بثأر والده، حيث اتفق مع شقيق مسعود (داود بن مسعود) والكثير من الأمراء لمقاومة مسعود وإنهاء أمره، إلا أنه لم ينجح بذلك فعندما عرف مسعود بخطتهم سارع مع جيشه إلى بغداد لمحاصرتهم، ثم ذهب الخليفة إلى الموصل ليستنجد بزنكي لكنه وقف في صف مسعود، فسارع الخليفة إلى أصبهان ولقي حتفه فيها عام 532 هجرياً على يد جماعة من الباطنية.[٧]


سياسة الخليفة المقتفي لأمر الله

استلم الخلافة بعد الراشد بالله عمه المقتفي لأمر الله، قام السلطان السلجوقي مسعود بتجريده من الخيل وآلة السفر وأبقاه ضعيفاً بلا قوة، وفرض على الناس أموالاً طائلة حيث تمادى بحق الخلافة العباسية، فلم يستطع الخليفة المقتفي لأمر الله السكوت عن تلك التجاوزات التي يرتكبها السلاجقة بحقهم، فلم يدخل بنزاع مباشر مع السلطان مسعود في البداية بل قام بالتخلص من عين من عيون السلطان، ثم استمر بمراقبة الأحداث التي كانت مضطربة آنذاك فقام بتجهيز جيشه، ثم مات السلطان مسعود فانتهز الخليفة تلك الفرصة لاستعادة بغداد، فأرسل جشاً لملاحقة محمد السلجوقي وحاصره لأكثر من ثلاثة شهور، فانسحب السلجوقي وتم إعلان استقلال العراق وتحررها من السلاجقة.[٨]


نهاية النفوذ السلجوقي في العراق

قام الخليفة المقتفي لأمر الله بزرع بذور الفتنة بين السلاجقة أنفسهم وحاصر بغداد بجيشه في عام 543 هجرياً وقمع السلاجقة وأنهى أمرهم وأعاد للخلافة قوتها وهيبتها، حيث عالج المشاكل الاقتصادية التي كان يعاني منها العراق وأخرج أهل السواد إلى قراهم، وأعطى الفقراء مالاً كثيراً وخلق حالة من الازدهار الاقتصادي والاستقرار والأمن في البلاد، حيث أعاد السيادة للعراق وبهذا انحسر النفوذ السلجوقي وغدت فترة انتعاش سياسي واقتصادي في عهد الخليفة المقتفي واتخذ ابن هبيرة الشيباني وزيراً له.[٩]

المراجع

  1. علي محمد الصلابي، دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي، صفحة 19. بتصرّف.
  2. "قيام دولة السلاجقة ونشاطها السياسي والفكري"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.
  3. ليلى سليمان ماضي العامري، السـالجـقـة ودورهـم في العـراق، صفحة 1476. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "عصر النفوذ السلجوقي التركي"، الجامعة المستنصرية، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
  5. نافع توفيق العبود، جهود الخلافة للتحرر من النفوذ السلجوقي، صفحة 49. بتصرّف.
  6. نافع توفيق العبود، جهود الخلافة للتحرر من النفوذ السلجوقي، صفحة 50. بتصرّف.
  7. نافع توفيق العبود، جهود الخلافة للتحرر من النفوذ السلجوقي، صفحة 51. بتصرّف.
  8. نافع توفيق العبود، جهود الخلافة للتحرر من النفوذ السلجوقي، صفحة 51-52. بتصرّف.
  9. محمد جاسم حمادي المشهداني، نهاية النفوذ السلجوقي في العراق، صفحة 197-205. بتصرّف.