تُعد غرناطة من أكثر الأماكن التي اشتهرت في نصف القرن الثالث عشر، وكانت عاصمة لمملكة غرناطة الإسلامية، وتقع مدينة غرناطة في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة الإيبيرية، في سفوح جبال سييرا نيفادا الشمالية، حيث تبعد حوالي ستين كيلومترًا عن البحر الأبيض المتوسط، وقد تعرضت المدينة للاضطراب الداخلي الشديد، كما تزايدت الاشتباكات مع جارتها الشمالية، وهي مملكة قشتالة المسيحية في النصف الأخير من القرن الخامس عشر، كما تجدر الإشارة إلى أن غرناطة كانت آخر ولاية بقيت من الأندلس في العصور الوسطى.[١]

في أي عصر سقطت غرناطة

فتح المسلمون مدينة الأندلس في عام 92 هـ، واستمر حكم الدولة الإسلامية فيها لما يقارب الثمانية قرون، كما تميزت غرناطة في تلك الفترة بأنها أصبحت إحدى أكثر الدول مدنية وحضارةً، وظلّت كذلك إلى أن ضعُفت وسقطت في عام 1492م،[٢] وذلك بعد أن وقع الملك أبو عبد الله الصغير، "آخر ملوك غرناطة"، معاهدة استسلام مُهينة مع الملكيَن الكاثوليكيَين فرديناند، وإيزابيلا، والتي بموجبها تم القضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس بشكلٍ نهائي؛ وذلك لأنّ محاكم التفتيش كانت تحرق كل مَن يثبت أنه لا يزال مُسلماً.[٣]


كيف سقطت غرناطة

حوصرت مدينة غرناطة على مدى عدة أشهر، واستسلمت في الثاني من كانون الثاني، في عام 1492م، فقد استولوا على غرناطة بعد أن دام حكم المسلمين وسيطروا عليها حوالي 780 عامًا في شبه الجزيرة الإسبانية،[٤] وتجدر الإشارة إلى أن غرناطة وصلت إلى أوج قوتها ومجدها في عهد الخليفة محمد الخامس من بني الأحمر، ويمكن سرد أحداث سقوطها في النقاط الآتية:[٥]

  • دبّ الخلاف بين المسلمين، مما أدى إلى تفكيك الجبهة الداخلية لهم، فعند عودة الخليفة أبي عبد الله من الأسر، شنّ الحرب على أبيه، فمات والده همًا وكمدًا، ويُقال إنه مات مسمومًا بعد أن تنازل عن العرش لأخيه أبي عبد الله الزغل، وكان أبو عبد الله آخر ملوك غرناطة العِظام، فنازعه ابن أخيه في الملك فقام بتشتيت قوى الدولة في المشاكل الداخلية.
  • حاول الأمير المغاربي بعبديل تفريق المحاصرين بعدة محاولات، ثم حشد الدعم من الدولة الإسلامية المرينية في المغرب.
  • اتفق على هدنة مع الإسبان استمرت أربعة أشهر، بحيث إذا لم يتلقَّ الأمير أي مساعدة عند انتهاء مُدّة الهُدنة، فإنه يجب عليه أن يستسلم فورًا.
  • استسلم الأمير، واستسلمت غرناطة في الميعاد المُتّفق عليه.
  • يُقال إن بوديل قد ركع أمام الملك فرديناند في الثاني من كانون الثاني في عام 1492م، وذلك لتسليم مفتاح المدينة.
  • حوصرت من قبل القوات الإسبانية للملك فرديناند، والملكة إيزابيلا.[٤]


أسباب سقوط غرناطة

من أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط مدينة غرناطة هي:[٦][٧]

  • الامتناع عن الجهاد في سبيل الله: يُعد الجهاد في سبيل الله سنة المسلمين إلى يوم القيامة؛ فعندما ترك المسلمون الجهاد جعلهم ذلك يعيشون في ذلّ، مما أدّى إلى ضياع بلاد المسلمين وسقوطها في أيدي المحتلين.
  • التّرف وحبّ الدنيا: ويعتبر الانغماس في حبّ الدنيا، والشهوات، وملذّات الحياة، من أهم العوامل التي تسبّبت في انهيار غرناطة، وسقوطها.
  • الإسراف في المعاصي: إنّ كثرة المعاصي والإسراف فيها يُبعد المسلمين عن دينهم وسُنّة رسولهم الكريم، وذلك ما حدث مع مسلمي غرناطة، ممّا أدّى إلى ضياع عزّتهم وهلكتهم.
  • زوال الخلافة الأموية: بعد انهيار الخلافة الأموية وسقوطها، بدأت غرناطة تمرّ بسنواتٍ صعبة، فلم يكن حكّام الأندلس أهلًا لقيادة المسلمين، مما أدى إلى انقسامها إلى دويلات وطوائف، وصل عددها إلى سبع وعشرين طائفة، أو دويلة، تتنافس فيما بينها ولذلك كان لكل طائفة أمير يحكمها، حيث اتّصف جزءٌ منهم بالغدر، فهانت مصالح الأمة لديهم، وباعوا أمتهم للعدوّ، وانحرفوا عن القواعد الإسلامية الحنيفة؛ بهدف بقائهم في الحكم.
  • الخضوع والاستسلام: خضع المسلمون للمحتلين، بعد أن حاصروا إشبيلية حوالي ثمانية عشر شهرًا.
  • تقاعس العلماء: تقاعسَ العلماء عن دورهم الإصلاحي والدعوي والجهادي، وانشغل الكثير منهم في المسائل الخلافية، وفي المقابل اشتغل آخرون بنفاق الأمراء والحكام، وشاركوهم في المنكرات، فلم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المُنكر.[٨]
  • تولّي الخلافة لخلفاء ضِعاف: عندما تولى الحكم خلفاء ضِعاف، أدّى ذلك إلى انقسام البلاد وتفككها، مما سبب في انتشار الفوضى، واشتداد الصراع العنصري بين البربر، والعرب، والصقالبة، وكان كل فريقٍ منهم يستعين على خصمه بنصارى الشمال.[٩]
  • سقوط دولة بني مرين: عندما سقطت دولة بني مرين في المغرب، انقطعت الإمدادات والعون العسكري الذي كانت تمدّ به بني الأحمر من ملوك غرناطة.[١٠]
  • اتحاد مملكتي قشتالة وأراغون: بعدما تزوج فرديناند ملك أراغون بإيزابيلا ملكة قشتالة، اتحدت المملكتان مع بعضهما البعض، وكان هذا الاتحاد يهدف القضاء على الوجود العربي الإسلامي في الأندلس.[١١]

المراجع

  1. "encyclopedia", encyclopedia, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  2. خالد الخالدي (5/10/2011)، "لماذا سقطت غرناطة"، إسلام ستوري، اطّلع عليه بتاريخ 18/6/2021. بتصرّف.
  3. خالد الخالدي (12/12/2016)، "سقوط الأندلس.. التاريخ يعيد نفسه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/6/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "Fall_of_Granada", newworldencyclopedia, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  5. راغب السرجاني (27/2/2011)، "سقوط غرناطة"، إسلام ستوري، اطّلع عليه بتاريخ 18/6/2021.
  6. علي صلابي (9/9/2020)، "أهم أسباب سقوط غرناطة والأندلس عموماً"، الصلابي، اطّلع عليه بتاريخ 18/6/2021. بتصرّف.
  7. خالد الخالدي، "سقوط الأندلس.. التاريخ يعيد نفسه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/6/2021. بتصرّف.
  8. خالد بن محمد مبارك القاسمي، تاريخ الحضارة الإسلامية فى الأندلس، صفحة 16. بتصرّف.