أسلوب الحياة في العصر الحجري الحديث

يطلق على المرحلة الأخيرة من التطور الثقافي أو التطور التكنولوجي بين البشر في عصور ما قبل التاريخ بالعصر الحجري الحديث، الذي تميز بأدوات حجرية تشكلت من خلال التلميع أو الطحن، والاعتماد على النباتات أو الحيوانات المستأنسة، والاستقرار في القرى الدائمة، وظهور بعض الحرف مثل الفخار والنسيج.[١]


الاستقرار والزراعة

اشتهر العصر الحجري الحديث بما يسمى بـ "الثورة الزراعية"، حيث ابتعد الإنسان آنذاك عن الصيد واتجه نحو الزراعة، ويُعتقد أن الزراعة قد حدثت أولاً في منطقة الهلال الخصيب في الشرق الأوسط، ثم لحقتها المناطق الأخرى، فعلى الأرجح كانت "الثورة الزراعية" سلسلة من الثورات التي حدثت في أوقات مختلفة في أماكن مختلفة، حيث كان انتقال الإنسان في ذلك العصر من الصيد إلى الزراعة عملية تدريجية استغرقت عدة قرون، فبدأ البشر الأوائل في اصطياد الغزلان والحمير البرية والماشية، ثم انخفض اصطياد الغزلان وارتفع اصطياد الحمير البرية والماشية، وتحول الرعي إلى المصدر الرئيسي للحوم، وأصبح صيد الغزلان نشاطًا ثانويًا، ثم بدأ نظامهم الغذائي يعتمد على الحبوب المطحونة أكثر من اللحوم، حيث أظهرت البقايا البشرية تآكلًا في الأسنان لدى جميع البالغين، وبمجرد إدخال الفخار إلى أسلوب حياتهم، انخفضت معدلات تآكل الأسنان، ولكن زاد تواتر الأسنان السيئة، مما يشير إلى أن الطعام المخبوز المصنوع من طحين الحجارة تم استبداله بأطباق مثل العصيدة، التي تم غليها في الأواني.[٢][٣]


ويشير الباحثون لعدة فرضيات تفسر اتجاه البشر آنذاك للزراعة وتركهم الصيد، من أهمها الضغط السكاني في ذلك الوقت الذي ساهم في زيادة المنافسة على الغذاء والحاجة إلى زراعة أنواع جديدة منه، أيضًا ساعدت الزراعة الإنسان في إشراك الكبار والأطفال في إنتاج الغذاء، على عكس الصيد الذي كانت ممارسته حكرًا على الذكور البالغين.[٢]


وبسبب اتجاههم للزراعة كمصدر للغذاء، أصبح أسلوب حياتهم يعتمد على الاستقرار في القرى والبيوت، لحاجتهم إلى تخزين البذور والعناية بالمحاصيل، إذ يُعتقد أن البشر قد جمعوا النباتات وبذورها منذ 23000 عام، وبدأوا في زراعة الحبوب مثل الشعير منذ 11000 عام، ثم بعد ذلك، انتقلوا إلى الأطعمة الغنية بالبروتين مثل البازلاء والعدس. [٢]


تدجين الحيوانات

مع نشوء الثورة الزراعية في العصر الحجري الحديث، انتشرت عمليات تدجين الحيوانات، إذ تم العثور على أدلة على رعي الأغنام والماعز في العراق والأناضول (تركيا الحديثة) منذ حوالي 12000 عام، حيث ساعد تدجين الحيوانات على استخدامها كأدوات مساعدة في الزراعة، مما زاد الإنتاج الزراعي، وكانت أيضًا مصدرًا مهمًا للغذاء، عن طريق تزويدها بالحليب واللحوم للمجموعات السكانية المستقرة.[٢]


التنظيم الاجتماعي

ساهم الاتجاه نحو الزراعة إلى زيادة أعداد السكان ونشوء مجتمعات إنسانية أكثر استقرارًا، وبالرجوع إلى علماء الأنثروبولوجيا الذين يقولون أنه كلما كبرت المجموعة الإنسانية، أصبح المجتمع أقل مساواة وأكثر تراتبية، وبهذا كانت الأهمية الاجتماعية للناس الذين شاركوا في إدارة وتخصيص الموارد الغذائية في المجتمع، حيث أظهرت عدة أدلة على أنه خلال العصر الحجري الحديث المبكر، لم يكن هناك مرافق تخزينية للمنازل الفردية، إذ كان تخزين الأطعمة يتم على مستوى القرية، مثلًا وُجد في موقع الجرف الأحمر في شمال سوريا، هيكل كبير تحت الأرض كان يستخدم كمرفق تخزين جماعي، في العصر الحجري الحديث، يقع هذا البناء في موقع مركزي بين جميع الأسر وهناك أيضًا أدلة على أداء عدة طقوس فيه.[٣]


المراجع

  1. "Neolithic", britannica, Retrieved 6/9/2022. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "What was the Neolithic Revolution?", nationalgeographic, Retrieved 6/9/2022. Edited.
  3. ^ أ ب "Neolithic Period", worldhistory, Retrieved 6/9/2022. Edited.