نتيجة الخلافات التي انتشرت بعد مقتل عثمان بن عفان، انتشرت الحروب الأهلية ومحاولة جميع الأطراف بالوصول للحكم والتمسك والسيطرة بها على باقي الجموع، ووقعت في تلك الفترة العديد من المعارك وكان من أهمها معركة صفين التي حدثت في (37 هجريًا)، ومن خلالها تمكن معاوية بن أبي سفيان الوصول إلى دمشق من إثبات مقدرته على توالي زمام الخلافة، وقام بتوقيع هدنة بينه بين باقي الأطراف ليحصل على الخلافة في عام (41 هجريًا)، وعرف معاوية بن أبي سفيان كونه عاقلاً في دنياه، وحليمًا ملكًا قويًا، وجيد السياسة وحسن التدبير، وهو ما كانت الأمة الإسلامية في حاجته بعد انتشار الحروب الأهلية وضعف في الدول، ومحاولة نشر التفرقة بين المسلمين.[١]

وضع الأدب في العصر الأموي

اشتهر العصر الأموي باهتمامه بالأدب وتطويره وتحديثه، ومن أهم الأمور التي قاموا بها:[٢]

  • تعريب الدواوين، وجعل اللغة العربية هي اللغة الإدارية لكافة أقطار الخلافة والدول التابعة لها.
  • كثرة انتشار الأحزاب السياسية، الذي ساعد بانتشار الأدب السياسي في هذا العصر.
  • اهتم الخلفاء الأمويون بالثقافة والأدب، فكانوا يرسلون أبناءهم إلى البادية فيتعلموا الشعر والأدب واللغة ويكتسبون الطبع والفطرة والمَلكة، فيكونون قادرين على إقامة المجالس الأدبية والشعرية.


العوامل المؤثرة في الأدب الأموي

من أهم العوامل التي أثرت بالنقد والأدب في العصر الأموي:[٣]

  • امتزاج العرب بالأمم الأجنبية كالفرس، واليونان، ومختلف الحضارات، ونتيجة للاختلاط بين هذه الشعوب فقط ظهرت ألفاظ ومصطلحات جديدة على الشعر بشكل خاص والأدب بشكل عام.
  • كان للإسلام أثر واسع على الأدب، وكان ذلك من خلال ما قدمه الشعراء فمنهم من تعمق بالإسلام حيث كانوا يحدثون الناس عن البعث والحساب والتذكير باليوم الآخر، ومنهم لم يتغلغل في الحديث عنه.
  • الصراع السياسي وما خلفه من أحزاب وفِرق، وسعيهم للتنافس لتولي الحكم والحفاظ عليه، وكان دور بني أمية يتمثل بوضع خطة ليحافظوا من خلالها على الحكم وتفردهم به، فنشروا العصبية القبلية، وشجعوا على التنافر والتهاجي والتفاخر بين الشعراء، حيث اتخذ الأمويون وخصومهم الشعر أداة للتعبير عن آرائهم السياسية.
  • الثقافة الواسعة والمتنوعة، حيث كان العقل العربي في عصر بني أمية إمدادات متنوعة ومختلفة للثقافة مما وصلهم من العصر الجاهلي من الشعر والأيام وتقاليد الجاهلية والأنساب، والعصر الإسلامي من القرآن الكريم والحديث الشريف، بالإضافة لما وصلهم من الجانب الأجنبي من معارف تطبيقية نافعة.


خصائص الشعر في عصر الأموي

من أهم الخصائص التي عرف بها الأدب في العصر الأموي:[٤]

  • التزام الشعراء الأمويين بالوزن الواحد والقافية الموحدة.
  • استقى الشعراء مفرداتهم من المعاجم الإسلامية.
  • كان الشعر الأموي بمثابة تأريخ وتوثيق حقيقي لما حدث من وقائع وأحداث تاريخية وحربية.
  • عرفوا بقوة الألفاظ والتراكيب في مضمون القصيدة ويعتبر هذا النوع من التراكيب مأخوذًا من شعر الجاهلية.
  • ظهور شعر النقائض؛ وهو الشعر الذي يتناول ويختص بذكر التعصب القبلي والتفاخر بالأنساب والأحساب.
  • التنوع والاختلاف في القوة في الشعر، فعرفت في تلك الفترة قوة الفرزدق والأخطل وجرير في شعر المديح والهجاء، وبه عزة كشعر عمر بن أبي ربيعة، وقسم توسط بين القوة والسهلة كأشعار الخوارج والفتوح.
  • تنوع مواضيع الشعر، وكان على ثلاثة أنواع النوع الأول القديم حيث حافظ على مواضيع الشعر دون تغير وهي الرثاء والمدح وغيرها، أما النوع الثاني فكان ضيقاً جداً في العصر الجاهلي ولكن انتشر وتهذب وأصبح أجمل في العصر الأموي ويتمثل بالغزل العذري، أما النوع الأخير فهو جديد في هذا العصر تمثل بشعر النقائض.[٥]
  • ظهور الخيال والتصوير في شعرهم وتمثل باستخدام الاستعارة والتشبيه والكناية.[٥]


الشعر والنثر في العصر الأموي

الشعر في العصر الأموي

ازدهر الشعر في العصر الأموي، وانشر سوقه في هذا العصر وذلك لتقديم الخليفة الأموال والعطايا للشعراء، بالإضافة لانتشار العصبية القبلية، وقيام الأحزاب السياسية والخوارج، وقد كان لهذه الأحزاب والطوائف ممثلون يقومون بالتحدث نيابة عنهم، ويذكرون مفاضل علمائهم وقادتهم، ويهجون أعداءهم والذين ينافسونهم، مما ساعد على تقدم عجلة الأدب في هذا العصر، وكانت تعود أنساب أغلب الشعراء في عصر الخلافة الأموية إلى قيس ثم قريش ثم اليمن، حيث بلغ عدد الشعراء من قريش 23 شاعرًا بينما شعراء ربيعة انخفض عددهم إلى 11 شاعرًا.[٦]


أغراض الشعر في العصر الأموي

ومن أهم هذه الأغراض التي عرف بها الشعر في عصر الخلافة الأموية:[٥]

  • المديح: وهو من أهم وأبرز الفنون والأغراض الشعرية القديمة، بالرغم من قلة وجوده في عصر الإسلام، إلا أنه عاد في الظهور في العصر الأموي، ويعود سبب عودة ظهوره إلى انتشار الثراء، وحب العرب لمديحهم وذكر مفاضلهم وميزاتهم وحسناتهم، وأيضًا انتشار التفرقة بين الناس وانتشار الأحزاب.
  • الغزل: وهو بالتحدث إلى النساء أو عنهن، ويختلف هذا النوع من الغزل عن التشبيب، حيث أن الأول يدل على المحبة والإعجاب بينما النوع الثاني يكون مقصده النيل من كرامة أهل المشبب بها، والغزل الأموي ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي، الغزل الكيدي وهو المعروف بغزل التشبيب، والقسم الثاني هو الغزل التقليدي، وبينما القسم الثالث هو غزل الحمى، وهناك نوع رابع عرف بالغزل العذري.
  • شعر الخصومات: عند عودة العصبية القبلية في العصر الأموي، أدى ذلك لعودة ظهور هذا النوع من الشعر وعاد أقوى مما كان عليه في زمن الجاهلية، وقسمت الأخصام إلى الخصومات الحزبية، والنقائض والخصومات القبلية، والنقائض الفردية.


شعراء العصر الأموي

نذكر منهم:

  • شاعر أهل الشام المعروف عدي بن الرقاع العاملي؛ وهو عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع ينتهي نسبه إلى قبيلة عاملة، وكنيته أبو داوود، وعرف أنه كان ينزل بالشام لذي عرف بشاعر أهل الشام.[٧]
  • شاعر الحب المعروف جميل بن معمر العذري؛ وهو جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن ظبيان من بني عذرة بن سعد، وهو شاعر مقدام وفصيح جمع بين الرواية والشعر.[٧]
  • وغيرهم الكثير أمثال: الأخطل، وجرير، والفرزدق، بالإضافة لشعراء المديح أمثال نصيب، وكعب بن معدان، وزياد الأعجم.[٣]


النثر في العصر الأموي

أسهم النثر في إظهار مواهب العرب في اللغة، فلم تفسد ألسنتهم نتيجة مجاورتهم العجم والأجانب، وعرفوا ببلاغة المنطق وحسن التعبير والبيان وجودة الإفصاح، ونتيجة لهذه الخصال تنوعت أشكال النثر في ذلك العصر، حيث شمل فن النثر مجموعة من الفنون التي برع فيها العرب في العصر الأموي، كالخطابة، والحوار، والوصايا، وغيرها من الفنون، حيث تعددت أنوع الخطابة في العصر الأموي من الخطابة السياسية إلى خطب المحافل، وخطب الوعظ والقصص.[٨]


أغراض النثر في العصر الأموي

من أهم أغراض وفنون النثر في العصر الأموي:[٩]

  • الخطابة: لما كان لها دوراً مهماً في التأثير في الجماهير، كان لا بد من انتعاشها في عصر بني أمية لما ذاع من انتشار الأحزاب السياسية والعصبية القبلية، وكانت السلاح القولي الذي اعتمده السياسيون في ذلك الزمن.
  • الوصايا: وهو فن قديم كان منتشراً في الجاهلية، ومن أشهر من كتب فيه ذو الأصبع العدواني وغيره.
  • الكتابة الفنية: أخذت الكتابة في العصر الأموي تنتشر شيئاً ما، وعرفت الكتابة من الفتوحات التي قام بها المسلمون، واستغلوا معرفتهم بها بتدوين الكتب عن أخبار الآباء والأجداد في الجاهلية، وكثر فيما بينهم النسابون وأصحاب الأخبار.
  • الحوار: وهو الجدل، وسرعة البديهة، وسعة المعرفة، ولمحة الفطنة، وحسن التخلص، وبراعة الرد، ذلك ما كان يميز العربي خاصة عند وقوعه في مأزق في ساعات الحكم.


نماذج من الشعر الأموي

ومن أهم نماذج الشعر في العصر الأموي:

  • قال جرير يمدح هاشم بن عبد الملك:[١٠]


أَميرَ المُؤمِنينَ جَمَعتَ ديناً وَحِلماً فاضِلاً لِذَوي الحُلومِ أَميرُ المُؤمِنينَ عَلى صِراطٍ إِذا اِعوَجَّ المَوارِدُ مُستَقيم لَهُ المُتَخَيَّرانِ أَباً وَخالاً فَأَكرِم بِالخُؤولَةِ وَالعُموم




أَعاذِلَتَيَّ اليَومَ وَيحَكُما مَهلا وَكُفّا الأَذى عَنّي وَلا تُكثِرا عَذلا ذَراني تَجُد كَفّي بِمالي فَإِنَّني سَأُصبِحُ لا أَسطيعُ جوداً وَلا بُخلا


المراجع

  1. صلاح طهبوب، موسوعة التاريخ الأسلامي العصر الأموي، صفحة 6-8. بتصرّف.
  2. محمد خفاجي، الأدب العربي وتاريخه في العصرين الأموي والعباسي، صفحة 12-16. بتصرّف.
  3. ^ أ ب شوقي ضيف ، العصر الاسلامي، صفحة 169_207. بتصرّف.
  4. دانبابا هارون، خصائص الشعر في العصر الأموي، صفحة 1_2. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت زكريا النوتي، oumawi.pdf الأدب الأموي تاريخه وقضاياه، صفحة 47-70. بتصرّف.
  6. "شعراء العصر الأموي"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب زكريا توتي، oumawi.pdf الادب الاموي تاريخه وقضاياه، صفحة 161-181. بتصرّف.
  8. "النثر في العصر الأموي"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  9. زكريا التوتي، oumawi.pdf الادب الاموي تاريخه وقضاياه، صفحة 133_159. بتصرّف.
  10. "ألمت وما رفقت بأن تلومي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/8/2021.
  11. "أعاذلتي اليوم ويحكما مهلا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/8/2021.