أين دفن هارون الرشيد؟

هارون الرشيد هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي،^[١] وهو الخليفة الخامس من خلفاء العصر العباسي في القرن الهجري الثاني، نشأ في بيت الملك، وقد تم تدريبه ليتولى مهمات القيادة والخلافة، وتعلم على يد الكسائي اللغة والأدب، وعندما أصبح واعياً واشتد عوده ألقى به أبوه الخليفة المهدي في منتصف ميادين القتال ليتعلم منهم ومن خبراتهم، وقد عَهِد أبوه بالخلافة له، وفي عام 181 م خرج على رأس جيش لغزو الروم وعاد منتصراً، وعلى إثره تم اختياره ولياً ثانياً للعهد بعد أخيه الخليفة الهادي، وتمت المبايعة في 14 سبتمبر من عام 786 م.^[٢][٣]

قبر هارون الرشيد

توفي هارون الرشيد في منطقة تعرف باسم طوس بالقرب من خرسان، عام 808 م، بعد أن رأى هارون الرشيد رُؤيا عن موته، وفي الرؤيا سمِع أن قائلاً يقول: هذه تربة أمير المؤمنين وكانت حمراء اللون، وعندما توجه للسيطرة على خرسان ووجد فيها تربة، أمر خادمه بأن يأتيه بشيء من هذه التربة وعندما وجدها حمراء اللون، قال: والله هذه الكف التي رأيت والتربة التي كانت فيها، وعنها أمر هارون الرشيد بحفر قبره في حياته، وقال: إلى هنا تصير يا ابن آدم وبكى وقد قُبضت روحه بعدها بثلاثة أيام.^[٤][١]

تأسيس وإعمار قبر هارون الرشيد

في عام 818 م وبعد أن قُتل علي الرضا على يد ابن هارون الرشيد المأمون، تم دفن علي الرضا بجانب قبر هارون الرشيد، وبعد هذه الحادثة تمت تسمية الموقع باسم مشهد الروضة، وأصبح الضريح معلماً للزيارة، كما تم بناء قبة على القبر في نهاية القرن التاسع عشر، ولكن خلال أعوامٍ سابقة تم تدميرها وإعادة بنائها من جديد عدة مرات.^[٥]

معالم قبر هارون الرشيد

في عام 993 م تم تدمير الضريح الذي يسمى بمشهد الروضة على يد الملك غزنافيد، ولكن ابنه السلطان محمود قام بإصلاحه وترميمه مرة أخرى، وفي عام 1150 م قام السلطان سنجر وهو ملك السلاجقة بتجديد وعمل إضافات للضريح الذي أصبح مكان عبادتهم بعد أن آمن السلطان بمعجزة المكان، بعد أن شفي ابنه بأعجوبة، وفي وقتنا الحالي أصبح قبر علي رضا وقبر هارون الرشيد معلماً سياحياً، ومقصداً دينياً، ومقابل قبر رضا يوجد قبر الخليفة هارون الرشيد الذي تعلوه منصة عليها ثريات.^[٥]

وفاة هارون الرشيد

توفي هارون الرشيد إثر تفاقم مرضه عندما كان في طريقه لخرسان للتعامل مع مشاكل وفتن ظهرت في تلك البلاد، وقد دامت تلك المشاكل في خرسان لمدة سنتين، وقد أراد هارون الرشيد أن ينهيها، وما إن وصل إلى طوس إلا أن مرضه اشتد، وقد توفي هارون الرشيد بعدها بعدة شهور، وعندما توفي خلفه ابنه الأمين في الحكم، وقد توفي بعد خلافة دامت لأكثر من 23 سنة، كانت تعد العصر الذهبي للدولة العباسية، وقد وصفه المؤرخون بأنه كان محافظاً على الأمور الدينية، كما قيل أنه كان يصلي في اليوم مئة ركعة إلى أن توفاه الله، وكان يتصدق من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالجهاد والغزو.^[٦][٧]

أبرز إنجازات هارون الرشيد

كان لهارون الرشيد إنجازات عظيمة للغاية، نذكر منها ما يلي:  

• انتعش الاقتصاد في عهد هارون الرشيد، وازدهر البنيان، وأقيمت مشاريع لحفر الأنهار والترع، وبناء المساجد والقصور، كما تم تعبيد الطرق، وكان من أهداف هارون الرشيد تخفيف الأعباء المالية عن مواطنيه، وفعلاً قد تمتع الرعية بالرخاء وأسلوب الحياة الرغيد.^[٨]
• ولى هارون الرشيد يحيى بن خالد البرمكي الوزارة، ونهض بالدولة، وضاعف عائدها، وتم تقدير ثروة الدولة في ذلك الوقت نحو 400 مليون درهم، وقد كانت الأموال شرعية مبنية على أساس الشريعة الإسلامية.^[٩]
• يسمى عصر هارون الرشيد بالعصر الذهبي للحضارة الإسلامية؛ لأن التطور بلغ أوجه في تلك الفترة، كما بلغت غاية اتساعها، وأقصى قوتها بسبب هارون الرشيد وما قام به من إنجازات.^[١٠]
• أنشأ هارون الرشيد بيت الحكمة، وأضاف إليها الكثير من الكتب والمؤلفات من شتى بلدان العالم، وأصبحت بغداد تستقطب طلاب العلم من جميع البلدان.^[١١]
• أعاد هارون الرشيد إعمار مدينة أسماها الهارونية، وقد زادت شهرة هارون الرشيد في ذلك الوقت أكثر، مما جعل بلداناً كثيرة تطلب صداقته وتريد كسب وده كالهند والصين.^[١٢]
• كانت فترة حكمه تعتبر فترة انتقالية في تاريخ الخلافة العباسية كلها، وهو المشهور في الرسالة التي كتبها على ظهر رسالة ملك الروم رداً عليه "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".^[١٣][١٤]