الحجاج بن يوسف الثقفي: نشأته
ولد الحجاج بن يوسف الثقفي لأسرة من قبيلة ثقيف في مدينة الطائف عام 41 هـ / 661م، وتتلمذ على يد أبيه وبعض الأئمة من الصحابة والتابعين مثل عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، فحفظ القرآن الكريم، ثم بدأ بتعليمه للصبيان الصغار، وكان الحجاج منذ صغره فصيح اللسان، لديه مقدرة فائقة في البلاغة والبيان بسبب نشأته في الطائف وتواصله مع قبائلها المختلفة، فقد كانت الطائف موطنًا لأفصح قبائل العرب مثل قبيلة هذيل، فشب الحجاج خطيبًا، حتى قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحجاج".[١][٢][٣]
الحجاج بن يوسف الثقفي: دخوله السياسة
ترك الحجاج سلك التعليم بعد فترة من الزمن، وارتحل إلى الشام لينضم إلى قسم الشرطة هناك، حيث أظهر الحجاج في منصبه الجديد قوة وعزمًا كبيرًا لفت فيها أنظار الخليفة الأموي آنذاك؛ عبد الملك بن مروان، فاستعان به الأخير للتصدي لعبد الله بن الزبير وأخيه في الحجاز والعراق، فقبل استلام عبد الملك بن مروان كان عبد الله بن الزبير قد استقل عن الخلافة الأموية بحكم الحجاز، وأرسل أخاه مصعبًا واليًا على العراق، وبذلك لم يتبقَ للدولة الأموية غير بلاد الشام ومصر.[١][٢][٣]
وعلى إثر الانقسام الذي حصل في الدولة مضى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان برفقة الحجاج للعراق لقتال مصعب بن الزبير، وضم العراق للدولة الأموية، فنجح بذلك ثم أرسل جيشًا كبيرًا بقيادة الحجاج لقتال عبدالله بن الزبير والاستيلاء على الحجاز، فاحتمى الأخير في الحرم المكي بعد أن تفرقت قواته، وتفكك جيشه، فحاصره الحجاج في الحرم، وضربه بالمنجنيق دون مراعاة لحرمة وقدسية المكان، فقتل الزبير، وأنهى خلافته على الحجاز، ضامًا الحجاز للدولة الأموية عام 73هـ / 693م، فكرمه عبد الملك بن مروان بأن ولاه على الحجاز.[١][٢][٣]
وبعد سنتين نقل الخليفة الأموي الحجاج من الحجاز إلى العراق وكلفه بولايتها، بعد وفاة أخيه البشر بن مروان، حيث كانت الأحوال مضطربة في العراق؛ بسبب تمرد الخوارج وتقاعس أهل العراق عن الخروج للجهاد، فساء ذلك الأمر الوالي الجديد؛ الحجاج، فخطب بأهل العراق عدة خُطب في مدن مختلفة مثل الكوفة والبصرة، توعد فيها المتخلفون والمتقاعسون عن الخروج للقتال بأشد العقوبات وأقساها، وأثبت ذلك قولًا وفعلًا، حتى استطاع إخماد فتنة الخوارج، وكانت سياسة الحجاج في حكم العراق من أقسى السياسات وأشدها بنظر المؤرخين، وبسبب هذه السياسات خرجت ضده عدة ثورات مختلفة في الجيش وفي المدن، ولكنه استطاع إخمادها والقضاء عليها.[١][٢][٣]
الحجاج بن يوسف الثقفي: إنجازاته
يُنسب للحجاج عدة إنجازات اجتماعية وإدارية وسياسية، ومن أبرزها:[١][٢][٣]
- الفتوحات الإسلامية: أرسل الحجاج عدة جيوش لفتح مناطق متعددة، فنجح بفتح مدينة بلخ، وبيكند، وبخارى، وشومان، وكش، والطالقان، وخوارزم، وكاشان، وفرغانه، والشاس، وكاشغر الواقعة على حدود الصين، فوصلت حدود الدولة الإسلامية في عهده إلى الهند والصين.
- الإصلاحات الزراعية: حيث اهتم بالمزارعين، ودعمهم وأمر بحفر الأنهار والقنوات.
- الإصلاحات الإنشائية: حيث أمر ببناء الجسور والصهاريج لتخزين مياه الأمطار.
- بناء مدينة واسط: وهي مدينة واقعة بين الكوفة والبصرة، اتخذها مقرًا لحكمه.
- نقط المصحف: حيث نُسب للحجاج أمره بنقط حروف المصحف، ووضع علامات الإعراب على كلماته.