ولد صلاح الدين في عائلة عسكرية عام 1137 م في مدينة تكريت بالعراق، ودرس القرآن وعلم الكلام والفلك والرياضيات والقانون، كان صلاح الدين عنصرًا في الجيش بعد أن تدرب على يد عمه أسد الدين كما كان تابعًا للقائد نورالدين ثم أثبت خلال الحملات العسكرية قدرته على تحمل المسؤولية القيادية، كما تمّكن بذكائه وتكتيكاته من الانتقال من كونه جنديًا ليصبح ملكًا لمصر وسوريا، لذا يُعتبر صلاح الدين الأيوبي من أشهر الشخصيات التاريخية الإسلامية.[١]


شخصية صلاح الدين الأيوبي القيادية

من أبرز صفات صلاح الدين التي جعلت منه قائدًا عظيمًا ما يلي:[٢][٣]

  • تقواه وعبادته: إن تقوى الله أول ما يجب أن يمتاز به المسلم؛ لأن تقوى الله والاستعانة به تجعل من المسلم قويًا شجاعًا مِقدامًا لا يهاب عدوه وهذه الصفات تحققت بالفعل في شخصية صلاح الدين، كما كان صلاح الدين مواظبًا على صلاته محبًا لسماع القرآن.
  • عدله ورحمته: كـان حريصًا على تحقيق العدل دائمًا؛ فكان يجلـس في كـل يـوم إثـنين وخمـيس في مجلـس عـام بحضور الفقهـاء والقضاة والعلماء، وليُتيح الفرصة للمتحاكمين حتـى يصلوا إليـه ويُعبروا عن قضاياهم، ولا بد من ذكر محاولات صلاح الدين الدائمة لإلغاء وتخفيف الضرائب المفروضة على الشعب.
  • شجاعته وصبره: كان صلاح الدين مضربًا للمثل في شجاعته فقد كان يحتفظ بروح معنوية عالية وثقة قوية وشجاعة فائقة، وقد حدث بشكل مُتكرر أن قاد صلاح الدين جيشه وقام بالتنظيم والتخطيط وهو مريض وكان يُقاتل أعداءه وهو يعاني المرض ولم يظهر عليه شيء.
  • حلمه وعفوه: مما عُرف عن صلاح الدين أنه يقابـل الإسـاءة بالإحسان والغلظة بالحِلم.
  • مروءته وسماحته: أجمع المؤرخون على أن المعاملة الحسنة الـتي عامـل بهـا صـلاح الـدين أعـداءه لم يسـبقه بهـا أحـد في تـاريخ الحـروب والفتوحـات.
  • حبه للشعر والأدب: على الرغم من انشغال صلاح الدين بالقتال إلا أنه كان يُظهر اهتمامه بالشعر والأدب، حيث كان يقرأ الشعر والأبيات ويُرددها في المجالس.
  • زهده وكرمه: لم ينغر صلاح الدين بالدنيا ومباهجها، وذُكر أن أتباعه بنوا له منزلاً في دمشق فلم يكترث به ولم ينظر إليه طويلًا، كما ذُكر عند وفاته أنه لم يترك مالاً ولا مُلكاً وراءه حيث كان حريصًا على القيام بالزكاة والصدقة ومساعدة كل مُحتاج.
  • حركته واهتمامه بأمر الجهاد: كان صلاح الدين دائم التفكير بالجانب العسكري ولم يكن يغمض له جفن حتى يرى بلاد الإسـلام قـد تحررت من الصليبيين وانتصرت على كـل عدو.


إنجازات صلاح الدين الأيوبي

كان لصلاح الدين الأيوبي العديد من الإنجازات منها ما يلي:[٤]


دور صلاح الدين في الإصلاح الاقتصادي

كانت الدولة تعيش ازدهارًا اقتصاديًا في عهد صلاح الدين الأيوبي لكثرة مواردها، ومن هذه الموارد:

  • السيطرة على كنوز الفاطميين بعد أن أصبحت مصر تحت حُكمه.
  • الجزية التي كانت تأتي من غير المسلمين.
  • الفدية التي تصل من الأسرى.
  • غنائم الحروب.
  • موارد الخراج التي تؤخذ من أصحاب الأراضي.


اهتمامه بالزراعة والتجارة

منها:

  • اهتم صلاح الدين بالزراعة ومصادر الري والتجارة لكي يُجنب البلاد من الفقر والمجاعات التي تسببها الحروب.
  • تعاونت مصر والشام في تبادل المحاصيل الزراعية وتعزيز المصالح الاقتصادية وتموين الجيوش.
  • اهتم صلاح الدين بالتجارة اهتمامًا كبيرًا حيث كانت مصر في ذلك الوقت حلقة اتصال بين الشرق والغرب وكانت سببًا في انتعاش بعض المُدن الغربية اقتصاديًا.


اهتمامه بالصناعة

منها:

  • اهتم صلاح الدين بصناعة السلاح والمنسوجات والأقمشة وسروج الخيل الزجاج.
  • انتشر في عهده صناعة الخزف والسُفن والأساطيل البحرية.
  • ظهور الأسواق المتخصصة ببيع فئة واحدة من السلع.


المستشفيات

لم يكن في عهد صلاح الدين مدارس لتعليم الطب؛ حيث كان الطب يُدرس في المستشفيات حتى يتسنى للطالب مُعاينة المرضى بعد الدروس مباشرة، وقد قام صلاح الدين ببناء مجموعة من المستشفيات في عصره، منها:

  • المستشفى الناصري في القاهرة.
  • بيمارستان الإسكندرية.
  • البيمارستان الصلاحي بالقدس.
  • بيمارستان عكا.


الإصلاح الاجتماعي

من هذه الإصلاحات:[٥]

  • كانت الحياة في عهد صلاح الدين جديةً بعيدة كل البعد عن المظاهر الفارغة.
  • كان المجتمع في عهده يتصف بأفضل الخصال والعادات واللباس، وكان الصيد من أحب الهوايات عند الناس
  • من أهم إصلاحاته إبطال الضرائب التي كانت تُثقل كاهل الناس.
  • كما أنه أوصى ابنه قبل وفاته بحفظ قلوب الرعية وتقوى الله، وهكذا كان المجتمع في عهد صلاح الدين يزهو بأفضل الخصال.


الإصلاح العمراني

من هذه الإصلاحات العمرانية التي قام بها صلاح الدين:[٥]

  • اهـتم بسـور القـاهرة، وكان الهدف من إقامة هذا السور حماية البلاد من المعتدين.
  • قام ببناء قلعـة الجبل، وبنى قلعـة سـيناء في شـبه جزيـرة سـيناء.
  • قام ببناء مسـجدين متجاورين، وصهريجًا للمياه في الجهـة الجنوبيـة مـن القلعـة.
  • اهـتم بـتعمير جزيـرة الروضة والجيزة، وبناء المقاييس وحفر الترع وبناء المستشفيات.


الإصلاح الإداري

من هذه الإصلاحات:[٦]

  • قامت الدولة الأيوبية بتغيير العديد من النظم الإدارية، منها استحداث مناصب إدارية جديدة كمنصب نائب السلطنة، وهو الذي ينوب عن السلطان أثناء غيابه حيث أن خروج السلطان من مكان حكمه أمر اعتيادي بسبب الحروب وغيرها من المصالح السياسية والعسكرية.
  • وكذلك تقسمت الدولة إلى أقاليم إدارية يتمتع كل منها بمكانتها الخاصة وطابعها الخاص مثل الشام ومصر.
  • كان يراعي المصلحة العامة في تعيين أو عزل الولاة.


صلاح الدين الأيوبي والجانب العسكري

لصلاح الدين العديد من الجهود والأعمال فيما يخص الجيش، نذكر منها ما يلي:[٧]


تنظيم صلاح الدين للجيش

منها:

  • بدأ صلاح الدين في تحصين المدن وبناء القلاع وتنظيم الجيش.
  • ركز على بناء قوات بحرية؛ لأنه أدرك أن قوية جيوش الفرنج في البحر وضعفهم على البر.
  • بالإضافة لتأسيس العديد من الفرق الملحقة بالجيش مثل الفرقة الهندسية والفرقة الطبية وفرقة الموسيقى وحملة الأعلام.
  • تأسيس فرق اليزك للاستطلاع والتي تُرسل إلى جبهة العدو قبل توجه الجيش نحوه، وكانت تُمنح الإقطاعات لمن يخدم في الجيش.


توحيد صلاح الدين للجبهة الإسلامية

كما يأتي:[٨]

  • كانت وفاة نور الدين مفاجأة لكل العالم الإسلامي، فبدأت الأطماع تزداد بعد وفاته ليس فقط من الأقرباء بل أيضًا من الأمراء والقادة، كلٌ منهم سعى ليستفيد من غيابه أقصى الفائدة، أما صلاح الدين فقد وصله خبر وفاة نور الدين من الفرنج؛ حيث كان الأمراء والقادة في دمشق يريدون إبقاءه بعيدًا وأن يحصروا عمله في قتال الفرنج فقط حيث كانوا يعرفون قوته ويخشون تدخله.
  • بقي صلاح الدين يراقب الأحوال من مصر حتى بدأ يكتب محتجًا تارةً وناصحًا تارةً أخرى، ثم بعد أن استقر الوضع في مصر بعد خمسة أشهرٍ من وفاة نور الدين تجهز صلاح الدين للذهاب إلى دمشق.
  • عندما وصل صلاح الدين إلى دمشق استقبله ابن المقدم وفتح له أبواب المدينة وسلمها له، وكانت القلعة بيد خادم اسمه جمال الدين فاستماله صلاح الدين وأقنعه بتسليمها له، هكذا ضم صلاح الدين دمشق تحت نفوذه بحجة حماية الصالح إسماعيل من الصليبيين، وأراد جمع تأييد الناس له فأنفق أمواله على الشعب وألغى الضرائب.
  • بعد ذلك نزل صلاح الدين إلى حلب في طريقه إلى الموصل فقام أمير حلب بتقديم الولاية لصلاح الدين على أن يبقيه على إمارتها، ثم توجه صلاح الدين إلى الموصل وضمها لنفوذه بعد حصارها للمرة الثالثة.


فتح صلاح الدين للقدس

أهم المعلومات الخاصة بفتح صلاح الدين للقدس:[٩]

  • فتح صلاح الدين القدس بعد معركة حطين والتي حدثت في شمال فلسطين عام 1187 وشهدت هزيمة الصليبيين على يد قوات صلاح الدين.
  • أقام الصليبيون معسكراً على بعد حوالي 20 ميلاً غرب بحيرة طبريا، عندما وصلتهم أنباء أن صلاح الدين قد قام بمهاجمة مدينة طبريا على طول البحيرة.
  • خرج حوالي 20 ألف صليبي من المعسكر للتوجه إلى المدينة المحاصرة، أخذهم طريقهم عبر سهل حار جاف حيث نفد الماء في منتصف الطريق إلى طبريا.
  • ساءت أوضاع الصليبيين بعد قضاء ليلة بدون ماء، لكن في صباح اليوم التالي استأنفوا مسيرتهم في مواجهة جيش صلاح الدين، ثم ترك الصليبيون الذين لم يعودوا قادرين على القتال طريقهم، وفي اليوم التالي للمعركة، شن صلاح الدين حملته لاستعادة مدينة القدس.

المراجع

  1. "Salah Al-Din Al-Ayyubi", memphistours.
  2. عبدالله علوان، صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين، صفحة 93_111.
  3. علي الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، صفحة 357-358.
  4. علي الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، صفحة 342-351.
  5. ^ أ ب علي الصلابي، صلاح الدين الايوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، صفحة 358-357.
  6. علي محمد صلابي، صلاح الدين الايوبي و جهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، صفحة 359_361. بتصرّف.
  7. علي محمد الصلابي، صلاح الدين الايوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، صفحة 365.
  8. علي الصلابي، صلاح الدين وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وفتح بيت المقدس، صفحة 411-414.
  9. "Battle of Hattin", Britannica.