المهاتما غاندي: نشأته
المهاتما غاندي، أو موهانداس كرمشاند غاندي، هو محامٍ وسياسي وناشط اجتماعي وكاتب هندي، ولد عام 2 أكتوبر 1869م، واشتُهر بفلسفته السلمية ضد العنف، وبنضاله وكفاحه السلمي ضد الاستعمار البريطاني للهند، وكان معروفاً لدى أتباعه الكثيرون باسم المهاتما، الذي يعني "الروح العظيمة".[١][٢][٣]
ولد غاندي في بوربندر لأب سياسي كان يشغل منصب رئيس وزراء بوربندر، وأم هندوسية متدينة وممارسة للفيشنافية، وهي تعليمات دينية تحكمها مبادئ الانضباط الذاتي واللاعنف، وبقي غاندي في بوربندر حتى بلغ الـ 19 من عمره، ثم انتقل للندن لدراسة القانون في كلية Inner Temple، وبقي فيها حتى منتصف عام 1891، حيث انتقل إلى بومباي، وبدأ مسيرته العملية في مجال القانون، ولكن الحظ لم يحالفه، ففشل عمله، وانتقل للعمل في جنوب أفريقيا مع شركة هندية، حيث كانت جنوب أفريقيا نقطة انطلاق غاندي في نضاله ضد الظلم والاستبداد.[١][٢][٣]
المهاتما غاندي: بداية النضال السلمي
عاش غاندي 20 عامًا في جنوب أفريقيا، عانى فيها من العنصرية والتمييز من الأوربيين لكونه مهاجرًا هنديًا، ففي تلك الأثناء وصلت عنصرية الرجل الأبيض في جنوب أفريقيا لحدود كبيرة، عانت منها عدة أعرق، منهم الأفارقة، والمهاجرون الهنديون، وهنا بدأ غاندي في تطوير وتعليم مفهوم ساتياغراها أو المقاومة السلمية، كوسيلة ضد عنف واستبداد السلطات، وعدم التعاون معها. [١][٢][٣]
كانت رحلة غاندي في القطار إلى بريتوريا، جنوب إفريقيا في 7 يونيو 1893، اللحظة التي أشعلت فتيل النضال لديه، ففيها اعترض رجل أبيض على وجوده معه في مقصورة الدرجة الأولى، مع أن غاندي كان يحمل تذكرته، ولكن الرجل الأبيض رفض بقاءه، وطلب من السلطات في القطار إخراجه، فرفض غاندي الانتقال إلى الجزء الخلفي من القطار، لذلك القوة بالقوة من القطار في محطة في بيترماريتسبورغ.[١][٢][٣]
وعلى إثر ذلك شكل غاندي مؤتمر ناتال (مدينة في جنوب أفريقيا) في عام 1894م، لمحاربة العنصرية والتمييز، وبدأ في مكافحة كافة أشكال التمييز سلميًا والدعوة إليها أيضًا، وعند استعداده لمغادرة جنوب أفريقيا، علم بمشروع قانون عُرض أمام الجمعية التشريعية في ناتال من شأنه أن يحرم الهنود من حق التصويت، فأقنعه رفاقه الهنود بالبقاء لقيادة الكفاح ضد تشريع مثل هذه القوانين، وعلى الرغم من عدم استطاعته إلغاء القانون، إلّا أنه قد لفت انتباه المجتمع الدولي للعنصرية والتمييز الذي يتم ممارسته في جنوب أفريقيا.[١][٢][٣]
وفي عام 1906، قاد غاندي حملة كبيرة من العصيان المدني استمرت لـ 8 سنوات ردًا على القانون الذي أصدرته حكومة ترانسفال بشأن تسجيل سكانها الهنود، وخلال الثماني السنوات عانى غاندي ورفقائه من السجن والقتل والجلد والتعذيب أيضًا، واستمروا بكفاحهم حتى وافقت حكومة جنوب إفريقيا على حل وسط بوساطة الحكومة البريطانية والهندية، يتمثل بالاعتراف بالزواج الهندي وإلغاء ضريبة الاقتراع الحالية للهنود.[١][٢][٣]
المهاتما غاندي: النضال في الهند
بدأ نضال غاندي في الهند منذ مغادرته لجنوب أفريقيا عام 1914م، بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، فبالرغم من موقفه الداعم لبريطانيا في الحرب، عارض غاندي سياساتها الاستعمارية، وأطلق حملة نضال سلمي في عام 1919م، تخللها دعوة للهنود بالاستقلال الاقتصادي عن بريطانيا، فدعا إلى صناعة القماش المنزلي لاستبدال المنسوجات المستوردة من بريطانيا، وعمل على أخذ دعم حزب المؤتمر الوطني الهندي لمقاطعة المصنعين والمؤسسات البريطانية، مثل الهيئات التشريعية والمدارس.[١][٢]
أوقف غاندي حملته السلمية بعد اندلاع أعمال عنف متفرقة في البلاد، ثم اعتقلته السلطات البريطانية لمد 6 سنوات بتهمة التحريض على الفتنة، وخرج قبل فترة السجن، بسبب خضوعه لعملية التهاب الزائدة الدودية، وبعد ذلك استمر غاندي بإطلاق حملات عصيان مدني وتحريض الهنود على النضال السلمي، وقام بعدد من الإضرابات عن الطعام احتجاجًا على اضطهاد أفقر الطبقات في الهند، وسُجن عدة مرات أثناء ذلك، حتى 1934م، حيث أعلن غاندي اعتزاله السياسة، واستقالته من حزب المؤتمر، وبدأ بتركيز جهوده على مساعدة الطبقات الفقيرة الهندية.[٢]
بقي غاندي بعيدًا عن السياسة، حتى بدأت المفاوضات مع بريطانيا حول استقلال الهند وتقسيمها إلى الهند وباكستان عام 1947م، حيث عارض غاندي التقسيم بدايةً، ولكنه وافق عليه أخيرًا إحلالًا للسلام بين الهندوس والمسلمين.[٢]
المهاتما غاندي: وفاته
قُتل غاندي في طريقه للصلاة في دلهي، في يناير 1948م، على يد متعصب هندوسي، غضب من موافقة غاندي على التقسيم ومفاوضته مع المسلمين، وشيّع موكب وفاته مليون شخص عبر شوارع المدينة، وصولًا إلى ضفاف نهر جمنا المقدس حيث حُرقت جثته.[٢]
